للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

امْرَأَتَهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا، فَكَذَلِكَ الشَّهْرُ إذَا مَضَى ثُمَّ جَامَعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الَّذِي بَاعَهُ ثُمَّ جَامَعَ بَعْدَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا أَيَكُونُ مُولِيًا؟

قَالَ: قَدْ اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهَا شَيْئًا وَلَسْتُ أَرَى عَلَيْهِ إيلَاءً إلَّا أَنْ يَطَأَ، فَإِنْ وَطِئَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السَّنَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدَك؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ هَذَا مُولِيًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الضَّرَرِ إنَّمَا أَرَادَ صَلَاحَ وَلَدِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَهُ قَالَ يُونُسُ: إنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ امْرَأَتِي حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدِي؟ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: مَا نَعْلَمُ الْإِيلَاءَ يَكُونُ إلَّا الْحَلِفُ بِاَللَّهِ فِيمَا يُرِيدُ الْمَرْءُ أَنْ يُضَارَّ بِهِ امْرَأَتَهُ مِنْ اعْتِزَالِهَا، وَمَا نَعْلَمُ اللَّهَ فَرَضَ فَرِيضَةَ الْإِيلَاءِ إلَّا عَلَى أُولَئِكَ فِيمَا نَرَى، إلَّا أَنَّ الَّذِي يَحْلِفُ يُرِيدُ الضَّرَرَ وَالْإِسَاءَةَ إلَّا أَنَّ حَلِفَهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْإِيلَاءِ، وَلَا نَرَى هَذَا الَّذِي أَقْسَمَ الِاعْتِزَالَ لِامْرَأَتِهِ حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا أَقْسَمَ إلَّا عَلَى أَمْرٍ يَتَحَرَّى فِيهِ الْخَيْرَ وَلَيْسَ مُتَحَرِّي الْخَيْرَ كَالْمُضَارِّ، فَلَا نَرَاهُ وَجَبَ عَلَى هَذَا مَا وَجَبَ عَلَى الْمُولِي الَّذِي يُولِي فِي الْغَضَبِ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكِ سَنَةً وَنَوَى الْجِمَاعَ فَمَضَتْ سَنَةٌ قَبْلَ أَنْ تُوقِفَهُ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَلَا إيلَاء عَلَيْهِ قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ آلَى أَنْ لَا يَمَسَّ امْرَأَتَهُ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ وَقَفَ فَأَبَى أَنْ يَفِيءَ فَطَلُقَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ ارْتَجَعَهَا فَانْقَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا، أَتَرَى رَجْعَتَهُ ثَابِتَةً عَلَيْهَا إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ إنْ لَمْ يَمَسَّهَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الرَّجْعَةُ لَهُ ثَابِتَةٌ إذَا انْقَضَى وَقْتُ الْيَمِينِ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا، فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَرَجْعَتُهُ رَجْعَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ هَهُنَا يَمِينٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْجِمَاعِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ عَلَيَّ حَجَّةٌ إنْ قَرُبْتُكِ فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ حَلَفَ بِالْيَمِينِ الْأُولَى وَقَفْته الْمَرْأَةُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، فَلَمْ يَفِ فَطَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فَارْتَجَعَهَا مَكَانَهُ، فَمَضَى شَهْرٌ آخَرُ وَحَلَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ الَّذِي بِالْحَجِّ فَأَرَادَتْ أَنْ تُوقِفَهُ أَيْضًا، أَيَكُونُ لَهَا ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، لِأَنَّ الْيَمِينَ الَّتِي زَادَ إنَّمَا هِيَ تَوْكِيدٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَفَتْهُ فَحَنِثَ نَفْسَهُ أَنَّ الْحِنْثَ يَجِبُ عَلَيْهِ بِالْيَمِينَيْنِ جَمِيعًا، فَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إذَا أَبَى الْفَيْءَ فَذَلِكَ لِلْيَمِينَيْنِ، وَقَدْ قَالَ هَذَا غَيْرُهُ أَيْضًا وَقَالَ فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَيَجْلِدَنَّ غُلَامَهُ جَلْدًا يَجُوزُ لَهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَبَاعَ الْغُلَامَ قَبْلَ أَنْ يَجْلِدَهُ.

فَقَالَ: أَوْقِفْهُ عَنْ امْرَأَتِهِ وَاضْرِبْ لَهُ أَجَلَ الْمُولِي فَإِذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ الْعَبْدُ بِشِرَاءٍ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>