للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْفِعْلِ، وَلَيْسَ هَذَا أَجَلًا طُلِّقَ إلَيْهِ وَإِنَّمَا هَذَا فِعْلٌ طَلَّقَ بِهِ، فَلَا يُطَلِّقُ حَتَّى يَحْنَثَ بِذَلِكَ الْفِعْلِ، وَهِيَ إنْ تَرَكَتْهُ فَلَمْ تَرْفَعْهُ إلَى السُّلْطَانِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَبَدًا إلَّا أَنْ يُجَامِعَهَا، فَهَهُنَا وَجْهٌ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ أَبَدًا لِأَنَّهَا إنْ تَرَكَتْهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ: إنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْفَيْءِ لِأَنَّ بَاقِيَ وَطْئِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ، فَلِذَلِكَ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ.

وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ أَنَّ السُّلْطَانَ يُحَنِّثُهُ وَلَا يَضْرِبُ لَهُ أَجَلَ الْمُولِي لِأَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْفَيْءِ إذَا قَامَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ إذَا كَانَ حَلِفُهُ عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا أَبَدًا وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا الَّذِي فَوْقُ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً يَمْلِكُ فِيهَا الرَّجْعَةَ، ثُمَّ آلَى مِنْهَا، أَيَكُونُ مُولِيًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَاهُ مُولِيًا إنْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وُقِفَ فَإِمَّا فَاءَ وَإِمَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ عَبْدِي مَيْمُونٌ حُرٌّ إنْ وَطِئْتُكِ، فَبَاعَ مَيْمُونًا أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَعْتِقُ، قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى مَيْمُونًا بَعْدَ ذَلِكَ، أَيَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمَا وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ؟

قَالَ: لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: فَهَلْ يَكُونُ مُولِيًا مِنْ امْرَأَتِهِ حِينَ اشْتَرَاهُ؟

قَالَ: نَعَمْ، هُوَ مُولٍ لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ مَالِكٍ بَعْدَمَا اشْتَرَى الْعَبْدَ حَنِثَ وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ، فَلَمَّا صَارَ لَا يَطَؤُهَا إلَّا بِالْحِنْثِ صَارَ مُولِيًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثَلَاثًا أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَةً لَهُ أُخْرَى، فَطَلَّقَ الَّتِي حَلَفَ بِطَلَاقِهَا تَطْلِيقَةً فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ الَّتِي كَانَ مُولِيًا مِنْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَإِنْ تَزَوَّجَ الَّتِي كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ قَبْلَ زَوْجٍ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ الَّتِي كَانَ مِنْهَا مُولِيًا بِطَلَاقِ هَذِهِ الَّتِي نَكَحَ؟

قَالَ: إنْ وَطِئَهَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ بِبَقِيَّةِ طَلَاقِهَا وَهِيَ تَطْلِيقَتَانِ.

قَالَ: وَإِنْ تَرَكَهَا لَا يَطَؤُهَا كَانَ مِنْهَا مُولِيًا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَطَأَ إلَّا بِحِنْثٍ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَ الَّتِي كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ، أَيَكُونُ مُولِيًا مِنْ امْرَأَتِهِ الَّتِي كَانَ آلَى مِنْهَا بِطَلَاقِ هَذِهِ؟

قَالَ: لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ قَدْ ذَهَبَ كُلُّهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَقَدْ سَقَطَتْ الْيَمِينُ فَكَذَلِكَ طَلَاقُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ قَدْ ذَهَبَ كُلُّهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَ الَّتِي آلَى مِنْهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ؟

قَالَ: هُوَ مُولٍ مِنْهَا مَا دَامَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي آلَى مِنْهَا بِطَلَاقِهَا مِنْ الْأُخْرَى تَحْتَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ طَلَاقِ ذَلِكَ الْمِلْكِ الَّذِي آلَى فِيهِ.

ابْنُ الْقَاسِمِ: أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ؟

قَالَ: هُوَ مُولٍ مِنْهَا فَكَذَلِكَ إذَا آلَى مِنْهَا بِطَلَاقِ صَاحِبَتِهَا، ثُمَّ طَلَّقَ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>