للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ ابْنِ الْهَادِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ تَقُول إذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَلَا تَحْرِيمَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَكَثَ سَبْعَ سِنِينَ، وَلَكِنَّ السُّلْطَانَ يَدْعُوهُ فَيَفِيءُ أَوْ يُطَلِّقُ

قَالَ ابْنُ الْهَادِ وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ وَإِنْ مَكَثَتْ سَنَةً.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ إلَّا فِي بَلَدِ كَذَا وَكَذَا، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ تِلْكَ الْبَلَدِ مَسِيرَةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، أَيَكُونُ مُولِيًا؟

قَالَ: نَعَمْ، وَالْإِيلَاءُ لَازِمٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى أَقْضِيَ فُلَانًا حَقَّهُ: إنَّهُ مُولٍ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ وَقَفَتْهُ فَقَالَ دَعُونِي أَخْرُجُ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ؟

قَالَ: أَرَى إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ أَمْرًا قَرِيبًا مِثْلَ مَا يُجْبَرُ بِالْفَيْئَةِ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا رَأَيْتُ أَنْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ، وَلَا يُزَادُ فِي الْإِيلَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُكِ حَتَّى أُكَلِّمَ فُلَانًا أَوْ أَقْضِيَ فُلَانًا حَقَّهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَوَقَفَتْهُ، فَقَالَ أَنَا أَقْضِي أَوْ أَنَا أَفِيءُ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ غَائِبٌ قَالَ: إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ غَيْبَةً قَرِيبَةً مِثْلَ مَا لَوْ قَالَ أَنَا أَفِيءُ فَيُتْرَكُ إلَيْهِ فَذَلِكَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَطَلُقَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ.

وَقِيلَ لَهُ ارْتَجِعْ إنْ أَحْبَبْتَ، وَلَقَدْ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الَّذِي يَقُولُ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى أَقْضِيَ فُلَانًا: إنَّهُ مُولٍ، فَهَذَا حِينَ قَالَ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى أَقْدَمَ بَلَدًا كَذَا وَكَذَا فَهُوَ مِثْلُ مَا يَقُولُ حَتَّى أَقْضِيَ فُلَانًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَامَعَهَا بَيْنَ فَخِذَيْهَا بَعْدَمَا وَقَفَتْهُ أَوْ قَبْلَ أَنْ تُوقِفَهُ، أَيَكُونُ حَانِثًا وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْإِيلَاءُ وَهَلْ يَكُونُ هَذَا فَيْئًا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ الْفَيْءُ الْجِمَاعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فَلَا أَرَى فَيْئَهُ إلَّا الْجِمَاعَ وَلَا يُجْزِئُهُ الْجِمَاعُ حَيْثُ ذَكَرْتَ وَلَا الْقُبْلَةُ وَلَا الْمُبَاشَرَةُ وَلَا اللَّمْسُ.

قُلْتُ: وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ حِينَ جَامَعَهَا بَيْنَ فَخِذَيْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إنْ كَانَ نَوَى الْفَرْجَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ لِجَارِيَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ وَطِئْتُكِ شَهْرًا فَعَبِثَ عَلَيْهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ.

قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ الْفَرْجَ بِعَيْنِهِ فَأَرَاهُ حَانِثًا، لِأَنِّي لَا أَرَى مَنْ حَلَفَ بِمِثْلِ هَذَا إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَعْتَزِلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نِيَّتُهُ فِي الْفَرْجِ بِعَيْنِهِ فَقَدْ حَنِثَ فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَحَنِثَ بِعِتْقِ الْغُلَامِ أَوْ بِطَلَاقِ الْمَرْأَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ وَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا، وَإِنْ هُوَ كَفَّرَ وَكَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ حَتَّى يَسْقُطَ يَمِينُهُ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ.

وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ فَالْإِيلَاءُ عَلَيْهِ كَمَا هِيَ حَتَّى يُجَامِعَ، وَهُوَ أَعْلَمُ فِي كَفَّارَتِهِ لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ فِي أَشْيَاءَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ غَيْرِ هَذِهِ، وَحَقُّ الْمَرْأَةِ فِي الْوَقْتِ وَوُجُوبُ الْإِيلَاءِ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ، فَلَا يُخْرِجُهُ إلَّا الْفَيْءُ وَهُوَ الْجِمَاعُ أَوْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَمِينُهُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، فَسَقَطَ فَيَقَعُ الْيَمِينُ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ إيلَاءٌ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ يَمِينُهُ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ أُخْرَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>