للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ فِي رَأْيِي وَلَا يَكُونُ حُرًّا، وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَعَجِبَ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ؟ فَقَالَ لَهُ: مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ، أَوْ قَالَ لَهُ: تَعَالَ يَا حُرُّ، وَلَمْ يُرِدْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ إنَّمَا أَرَادَ أَيْ أَنَّك تَعْصِينِي، فَأَنْتَ فِي مَعْصِيَتِك إيَّايَ مِثْلُ الْحُرِّ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ فِي هَذَا الْقَوْلِ شَيْءٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ.

قُلْتُ: وَفِي الْقَضَاءِ أَيْضًا؟

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا الَّذِي سُئِلَ مَالِكٌ عَنْهُ فِي الْقَضَاءِ قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ طَبَّاخٍ كَانَ لِرَجُلٍ وَكَانَ عِنْدَهُ رِجَالٌ فَطَبَخَ طَبِيخًا فَأَجَادَ فَقَالَ سَيِّدُهُ: إنَّهُ حُرٌّ.

قَالَ مَالِكٌ: لَا يَلْزَمُهُ فِي هَذَا حُرِّيَّةٌ، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: إنَّهُ حُرُّ الْفِعَالِ أَوْ عَمِلَ عَمَلَ الْأَحْرَارِ.

قُلْتُ: وَلَا يُعْتِقُهُ عَلَيْهِ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ لِلْعَبْدِ بَيِّنَةٌ؟

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا قَالَ فِي أَمَتِهِ: هِيَ حُرَّةٌ؛ لِأَنَّهُ مَرَّ عَلَى عَاشِرٍ أَوْ نَحْوِ هَذَا مِنْ الْأَشْيَاءِ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الْقَوْلِ حُرِّيَّةَ الْجَارِيَةِ، أَتُعْتَقُ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَإِنْ أَقَامَتْ الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، أَتُعْتَقُ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ أَمْ لَا؟

قَالَ: إذَا عُرِفَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ دَفَعَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ عَنْ نَفْسِهِ مَظْلِمَةً لَمْ تُعْتَقْ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ فِي رَأْيِي، وَإِنْ قَامَتْ بِذَلِكَ الْبَيِّنَةُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَقُولُ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ، وَنَوَى الْكَذِبَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَنَوَى الْكَذِبَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ؟

قَالَ: ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ فِي الطَّلَاقِ وَفِي الْحُرِّيَّةِ وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ الَّتِي نَوَى وَلَا يَنْوِي فِي هَذَا إنَّمَا يَنْوِي إذَا كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ إنَّمَا قَالَ لَهَا ذَلِكَ لِوَجْهٍ كَانَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ أَمْرِ الْعَاشِرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

قَالَ: وَلَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ تَقُولُ لِجَارِيَتِهَا أَوْ الرَّجُلُ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: يَا حُرُّ، إنَّمَا أَنْتَ حُرٌّ، عَلَى وَجْهِ أَنَّكَ تَعْصِينِي، قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ عَبْدٍ كَانَ لَهُ طَبَّاخٌ وَأَنَّهُ صَنَعَ لَهُ صُنْعًا فَطَبَخَ الْعَبْدُ فَأَحْسَنَ الطَّبْخَ، فَدَعَا إخْوَانًا لَهُ فَأَعْجَبَهُمْ، وَقَالُوا لِمَوْلَاهُ: لَقَدْ أَجَادَ فُلَانٌ طَبْخَهُ قَالَ: إنَّهُ حُرٌّ.

قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ حُرَّ الْفِعَالِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِهَذَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ لِعَبْدِهِ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْكَ، أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْكَ؟

قَالَ: إنْ كَانَ جَرَّ هَذَا الْكَلَامَ كَلَامٌ قَبْلَهُ يُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ الْكَلَامِ الَّذِي جَرَّ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ الْحُرِّيَّةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ ابْتِدَاءً مِنْ السَّيِّدِ عَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ لِأَمَتِهِ: هَذِهِ أُخْتِي، أَوْ لِعَبْدِهِ: هَذَا أَخِي؟

قَالَ: إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْحُرِّيَّةَ فَلَا عِتْقَ عَلَيْهِ.

ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِغُلَامِهِ: مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْحُرِّيَّةَ: إنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ.

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ لَا عَتَاقَةَ إلَّا لِلَّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>