للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصِيَّةٌ فِي الثُّلُثِ فَمَا دَخَلَ الْعِتْقُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ كَانَ أَوْلَى مِنْ وَصِيَّتِهِ، وَكَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْلَى مِنْ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْمُحَابَاةُ مُبْتَدَأَةٌ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِهَا، فَكَأَنَّهُ أَمَرَ بِتَبْدِئَةِ الْمُحَابَاةِ فِي الثُّلُثِ فَمَا بَقِيَ بَعْدَ الْمُحَابَاةِ فِي الثُّلُثِ فَهُوَ فِي الْعَبْدِ أَتَمَّ ذَلِكَ عِتْقَهُ أَمْ نَقَصَ مِنْهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ بَتْلًا وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلِلْعَبْدِ بِنْتٌ حُرَّةٌ، فَهَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ السَّيِّدِ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ مَا حَالُ الْعَبْدِ وَحَالُ الْأَلْفِ وَهَلْ تَرِثُ الْبِنْتُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْعَبْدُ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ مِنْهُ، مِثْلُ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا وَصَفْتُ لَكَ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ كَانَ عِتْقُهُ فِيهِ بَاطِلًا لَا يَجُوزُ.

قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ جَازَ عِتْقُهُ إيَّاهُ وَكَانَتْ الْأَلْفُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ الْبِنْتِ مِيرَاثًا وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ، وَفِعْلُ الْمَرِيضِ بَعْدَ الْمَوْتِ يُنْظَرُ فِيهِ كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَا يَتَعَجَّلُ بِالنَّظَرِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَ التَّقْوِيمِ كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونَةٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ تَبْلُغُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَيُعْتَقُ مِنْهُ النِّصْفُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يُعْتَقُ مِنْهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَمْوَالٌ كَثِيرَةٌ مَأْمُونَةٌ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، وَتَكُونُ أَضْعَافُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِرَارًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكٍ لَهُ عَبْدٌ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ، فَقَالَ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ: أَنَا أَعْتِقُ حِصَّتِي إلَى أَجَلٍ وَلَا أَضْمَنُ شَرِيكِي؟

قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إنَّمَا لَهُ يَبِتُّ عِتْقَهُ أَوْ يَضْمَنُ شَرِيكَهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ إلَى أَجَلٍ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ شَرِيكَهُ؟

قَالَ: نَعَمْ، يُفْسَخُ مَا صَنَعَ وَيَضْمَنُ شَرِيكَهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: فَإِنْ دَبَّرَ حِصَّتَهُ أَوْ كَاتَبَهُ؟

قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، إنَّمَا لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الْعِتْقَ أَوْ يَضْمَنَ شَرِيكَهُ، وَرَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَ لِلْمُعْتَقِ مَالٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتَقِ مَالٌ يُحْمَلُ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ مَالٌ لَا يُحْمَلُ جَمِيعُ قِيمَةِ النِّصْفِ قُوِّمَ عَلَى الْمُعْتَقِ بِقَدْرِ مَا فِي يَدَيْهِ، وَإِنْ حَمَلَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَمَلَ نِصْفَ النِّصْفِ قُوِّمَ عَلَيْهِ وَعَتَقَ عَلَى الْمُعْتَقِ مَا بَقِيَ مِنْ نَصِيبِهِ وَهُوَ رُبْعُ الْعَبْدِ إلَى أَجَلٍ، وَقَالَ بَعْضُ رُوَاةِ مَالِكٍ أَرَى إنْ كَانَ لِلْمُعْتَقِ مَالٌ أَنَّ الَّذِي أَعْتَقَ إلَى أَجَلٍ أَرَادَ إبْطَالَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَرَى إذًا أَنْ يَتَمَسَّكَ مِنْ الرِّقِّ بِمَا لَيْسَ لَهُ وَقَدْ أُعْتِقَ عِتْقًا لَازِمًا وَآخَرُ عَتَقَهُ إلَى سَنَةٍ وَذَلِكَ تَعَدٍّ مِنْهُ فِي التَّأْخِيرِ وَالتَّعَدِّي أَوْلَى بِالطَّرْحِ مِنْ الْعِتْقِ الَّذِي عَقَدَهُ قَوِيٌّ وَيَلْزَمُ الْعِتْقُ الَّذِي أَلْزَمَ نَفْسَهُ مُعَجَّلًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ عَبْدًا مُسْلِمًا بَيْنَ نَصْرَانِيٍّ وَمُسْلِمٍ، أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ حِصَّتَهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَتَمَسَّكَ الْمُسْلِمُ بِالرِّقِّ، أَيَضْمَنُ النَّصْرَانِيُّ حِصَّةَ الْمُسْلِمِ مِنْ ذَلِكَ؟

قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>