للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ.

قُلْتُ: وَلِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا ضَمِنَ شَيْئًا مِنْ قِيمَتِهِ ضَمِنَ جَمِيعَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَيَجْعَلُهُ كَأَنَّهُ ابْتَدَأَ فَسَادَ هَذَا الْعَبْدِ؟

قَالَ: نَعَمْ، هُوَ وَصَاحِبُهُ ابْتَدَآ فَسَادَهُ إلَّا أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ.

أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَدْلِ فَأُعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِمْ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ مَا أُعْتِقَ» ، وَقَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِرَأْيِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي امْرَأَةٍ أَعْتَقَتْ مُصَابَتَهَا مِنْ عَبْدٍ وَكَانَتْ مُصَابَتُهَا ثَمَنَهُ وَلَا قِيمَةَ عِنْدَهَا، فَجَعَلَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ كُلِّ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا وَجَعَلَهُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلِلْوَرَثَةِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ حَتَّى أَيْسَرَ؟

قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَدِيمًا: إنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مُنْذُ أَدْرَكْنَاهُ فَسَأَلْنَاهُ عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَوَقَفْتُهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: إنْ كَانَ يَوْمَ أُعْتِقَ يَعْلَمُ النَّاسُ وَالْعَبْدُ وَسَيِّدُهُ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ أَنَّهُ لَوْ قَامَ عَلَيْهِ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ لَمْ أَرَ أَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ أَعْتَقَهُ لَا مَالَ لَهُ إذَا عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ لِعُسْرِهِ، قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا فَلَمْ يَقْدَمْ حَتَّى أَيْسَرَ الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرَهُ مِثْلَهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ حِينَ كَانَ غَائِبًا لَا يُشْبِهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ إنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَى شَرِيكِهِ الَّذِي أَعْتَقَ لِحَالِ غِيبَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ إذَا قَدِمَ الْعَبْدُ وَهُوَ مُوسِرٌ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ أَعْتَقَهُ مُعْسِرًا.

قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَعْسَرَ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ أَيَضْمَنُهُ؟

قَالَ: نَعَمْ، يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ يَوْمَ أَعْتَقَهُ كَانَ مِمَّنْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ لَوْ قَامَ شَرِيكُهُ، فَإِذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ حَتَّى أَعْسَرَ ثُمَّ أَيْسَرَ وَرَجَعَ إلَى حَالَتِهِ الْأُولَى الَّتِي لَوْ قَامَ عَلَيْهِ فِيهَا شَرِيكُهُ ضَمِنَ فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ حَتَّى أَعْسَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ أَعْتَقَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ قِيلَ لِشَرِيكِهِ: أَتُعْتِقُهُ أَمْ تُضَمِّنُهُ؟

قَالَ: بَلْ أَضْمَنُهُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: بَلْ أَنَا أُعْتِقُهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ أَنْ رَدَّ ذَلِكَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَيُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَمَةً بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ وَهِيَ حَامِلٌ، فَأَعْتَقْتُ نِصْفَهَا، وَأَعْتَقَ صَاحِبِي مَا فِي بَطْنِهَا؟

قَالَ: الْقِيمَةُ لَازِمَةٌ لِلَّذِي أَعْتَقَ نِصْفَهَا وَعِتْقُ هَذَا الَّذِي أَعْتَقَ مَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>