قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إنْ اشْتَرَى وَلَدَ وَلَدِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَيَدْخُلُونَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ أَرَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الَّذِي بَلَغَنِي فِي وَلَدِهِ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى ابْنَهُ بِإِذْنٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؟
قَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَكِنْ لَا أَرَى أَنْ يَدْخُلَ فِي كِتَابَتِهِ وَلَا أَرَى أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُدْخِلَ فِي كِتَابَتِهِ أَحَدًا إلَّا بِرِضَا سَيِّدِهِ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مَا وُلِدَ لَهُ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ وَطْءِ جَارِيَتِهِ، وَمَا حَدَثَ مِنْ وَلَدٍ فِي كِتَابَتِهِ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ مِنْهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ إلَى سِنِينَ أَوْ الْمُدَبَّرَ إنَّمَا وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ الَّذِينَ وُلِدُوا لَهُ بَعْدَمَا عُقِدَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِهِ، وَأَمَّا مَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِهِ الَّذِينَ وُلِدُوا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَيْسُوا بِمَنْزِلَتِهِ إلَّا أَنَّ السَّيِّدَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَنْتَزِعْ مَالَهُ أَوْ مَضَتْ سِنُو الْمُعْتَقِ وَلَمْ يَنْتَزِعْ سَيِّدُهُ مَالَهُ تَبِعَهُ مَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِهِ وَكَانُوا أَحْرَارًا عَلَيْهِمْ إذَا عَتَقُوا، وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ إذَا اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ حُرٌّ إذَا أَدَّى جَمِيعَ كِتَابَتِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَبِيعَ مَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَجْزَ، فَإِنْ خَافَ الْعَجْزَ جَازَ لَهُ بَيْعُهُمْ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ وَلَدِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَجْزَ، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ إلَى سِنِينَ فَلَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا مَا اشْتَرَوْا مِنْ أَوْلَادِهِمْ إذَا أَذِنَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ سَادَاتُهُمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَوَلَدُ الْمُعْتَقِ وَالْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتَيْهِمَا بِمَنْزِلَتِهِمَا وَمَا اشْتَرَيَا مِنْ أَوْلَادِهِمَا مِمَّا لَمْ يُولَدْ فِي مِلْكِهِمَا فَقَدْ أَعْلَمْتُكَ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَذِنَ فِي ذَلِكَ جَازَ بَيْعُهُمْ إيَّاهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَذِنَ السَّيِّدُ عِنْدَ تَقَارُبِ عِتْقِ الْمُعْتَقِ إلَى سِنِينَ أَوْ يَأْذَنُ فِي مَرَضِهِ لِلْمُدَبَّرِ فِي بَيْعِ مَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِهِ فِي مَرَضِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُمْ بِإِذْنِ سَادَاتِهِمْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَوْ شَاءَ سَادَاتُهُمْ أَنْ يَنْتَزِعُوهُمْ انْتَزَعُوهُمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَبَوَيْهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَيَدْخُلَانِ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَكُلُّ مَنْ اشْتَرَى مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الرَّجُلِ إذَا مَلَكَهُ، فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا اشْتَرَاهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ دَخَلَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَيَصِيرُ إذَا اشْتَرَاهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَأَنَّهُ كَاتَبَ عَلَيْهِ وَكَأَنَّ السَّيِّدَ كَاتَبَهُمْ جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً، وَهُوَ رَأْيِي وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِي وَاسْتَحْسَنْتُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا اشْتَرَى ابْنَهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَبَيْعُهُ إيَّاهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ قَالَ: لَا يَشْتَرِي وَلَدَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ دَخَلَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُكَاتَبِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ إلَّا بِإِذْنِ أَهْلِ الدَّيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute