للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تقسيم الزمان إلى وهمي وحقيقي]

قوله: (أول): أتى بهذه الصفة وهي الأولية، ومعناها: نفي العدم السابق للوجود، ولا يقصد بها أنه أول شيء سيسترسل وراءه ما بعده، فالمقصود أنه لم يمض زمان إلا وهو موجود فيه.

والمقصود (بالزمان) هنا ما كان حقيقياً وما كان وهمياً، فالزمان ينقسم إلى قسمين: إلى زمان حقيقي وهو منذ خلق الله السماوات والأرض إلى أن ينتهي الزمان.

والقسم الثاني: الزمان الوهمي والمقصود به ما نتصوره نحن زماناً وليس زماناً، وهذا ما قبل خلق العالم فإنه يسمى أزلاً والأزل أزمنة متوهمة لا يطلق عليها زمان في الواقع؛ لأن الزمان هو اسم للوحدات المعروفة بالليل والنهار، وما كان قبل خلق السماوات والأرض ليس فيه ليل ولا نهار فلا يوصف بالزمان، لكن يسمى بالأزل.

ومن هنا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن الأحاديث الواردة في أول الخلق لا تعارض بينها، فإنه جاء في الحديث: (أول ما خلق الله القلم) وكذلك ما جاء في أن العرش سبق ذلك: (وكان عرشه على الماء)، فيقول: القلم والعرش والماء كل ذلك كان قبل الزمان، والأولية إنما تتصور بالزمان فيما له وحدات، فتكون هذه الدقيقة قبل الدقيقة الأخرى وتلك قبل التي تليها وهكذا.

وهذا الموضوع سنفصله إن شاء الله تعالى عند الكلام في قدم العالم لأن بعض الناس يتهمه بأنه يرى قدم العالم؛ لأنه لم يفهم كلامه في هذا المجال.