ليس للسلف مذهب واحد، حتى يقال: كفروا الفرقة الفلانية ولم يكفروا الفرقة الفلانية؛ لكن يقال: إن عدداً من الأئمة كفَّروا بعض الفرق، وبعضهم بالغ فقال: من لم يكفرهم فهو كافر أيضاً، وإنما يقصدون بذلك التشنيع؛ لكن لا يمكن أن يطلق التكفير على فرقة بكاملها؛ بل يقال: هذا القول كفر؛ ولكن من قال به قد يختل فيه شرط، أو يتصف بمانع يمنعه من أن يكفر بالخصوص، والأقوال التي نص العلماء على أنها كفر كثيرة، وهي منصوصة في المذاهب، وقد حاول القاضي عياض حصرها في كتاب (الشفاء)، فذكر ما يُكفَّر به من الأقوال، فهذه الأقوال إذا قال بها فردٌ من فرقة واقتنع بها واعتقدها، وقامت عليه الحجة، وانتفت عنه الموانع، كفر لذاته، وإلا فلا يقال -مثلاً- الإمامية كفار بالإطلاق، بل يقال: من اعتقد منهم بالقول الفلاني، وقامت عليه الحجة وتوافرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع كفر، لكن يقال: هذا القول كفر في حد ذاته، ومن هنا: فالفرق لا يمكن أن تكفر جملة؛ لأن فيهم من هو جاهل، وفيهم من هو معذور، وفيهم من لم تقم عليه الحجة.
وبالنسبة للنصيرية فليسوا من فرق الإسلام؛ لأن أصل عقيدتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس خاتم الأنبياء، وليس هو رسول آخر الزمان، فمن كان كذلك ليس من أهل هذه الملة أصلاً؛ وكذلك من لا يعتقد صلاة إلى القبلة، أو لا يؤمن بالصلوات الخمس، كالدروز، فهؤلاء ليسوا من فرق هذه الأمة أصلاً، ولا يعدون من الفرق الإسلامية.