هل يدل قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}[الرعد:٣٨] على تعدد زوجات الأنبياء؟
الجواب
ما يذكر من أن جميع الأنبياء قد عددوا زوجاتهم أخذاً من قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}[الرعد:٣٨]، فهذا مأخذ بعيد جداً وفهم لا يستقيم مع الآية؛ لأن الآية قوبل فيها الجمع بجمع، والأصل أن الجمع إذا قوبل بجمع فكل واحد يقابله واحد، مثل قوله تعالى:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة:١٨٤]، ولا تقتضي الآية إثباتاً لذلك ولا نفياً له؛ لكن منهم من ثبت له تعديد الزوجات كنبينا صلى الله عليه وسلم، وكسليمان عليه السلام، ومنهم من لم يتزوج أصلاً وثبت له ذلك كيحيى عليه السلام، إذ قال الله فيه:{وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}[آل عمران:٣٩]، فلم يتزوج أصلاً حتى يعدد، ومنهم ما سكت عنه، فلا يخالف في مثل هذا.
فالآية المذكورة بينت أن من الرسل الذين أرسلهم الله قبل النبي صلى الله عليه وسلم من آتاهم الله أزواجاً وذرية، أي: فليس وجود الأزواج والذرية طعناً في النبي صلى الله عليه وسلم ولا عيباً فيه؛ لأن أعداءه قالوا: كيف تزعم أنك نبي يأتيك الوحي، وأنت تتزوج النساء ويأتيك الأولاد، فرد الله دعواهم بأن من سبقه من الرسل كذلك، فالمقصود أنها سيقت لرد هذه الشبهة والدعوى فقط.