وهذه هي الدرجات، فأول ذلك الصدق في التوجه، أن يصدق الإنسان في توجهه إلى الله، ثم يتوجه، ثم يسلك الطريق بعد أن يتوجه إلى الله، ثم بعد السلوك يصبر على هذا الطريق ويستمر عليه حتى يصل، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله: إن عوائق الزمن كثيرة جداً، فلذلك قل من توجه، ثم قل من صدق في توجهه، ثم قل من سلك، ثم قل من وصل، وهذا ما نظمه الشيخ محمد سالم حفظه الله في قوله: لذاك قل القصد بدءاً ثم قل بعد السلوك ثم قل من وصل وقد ذكر هذا خليل رحمه الله أيضاً في كتابه الجامع، فكثير من الناس ينصرفون في العقبة الأولى من الطريق، وكثير منهم في العقبة التي بعدها، وآخرون في العقبة التي وراء ذلك، ومن هنا لا يصل من السالكين إلى طريق الحق إلا قلائل، وهم الذين يصبرون على هذا الطريق ويصمدون عليه إلى نهايته، وهم عدد قليل جداً:{وكَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة:٢٤٩] فالذين يصبرون على هذا الطريق هم الأقل.