إن هذا العلم مهمة شاقة وأمانة عظيمة، فلذلك يقتضي كثيراً من الشروط قبل طلبه.
فأهم هذه الشروط وأبلغها الإخلاص لله تعالى فيه؛ فإنه عبادة، فسماعه وكتابته وتلقيه كل ذلك عبادة عظيمة، والعبادة إذا كانت بغير إخلاص فهي مردودة على صاحبها، كما ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال:(أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)، فلذلك يجب على من أراد طلب العلم -ولو لحظة واحدة- أو أراد سماع شريط أو أراد قراءة أسطر كتاب أو قصد مكاناً لطلب العلم أياً كان ألا يضيع شيئاً من هذا الإخلاص حتى تحسب له خطاه، وحتى تشهد له الحصى، فلو مات في طريقه تلك كان كمن مات في هجرته إلى الله ورسوله، كما قال تعالى:{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[النساء:١٠٠].
فعلى من قصد هذا العلم من أي مكان أن يحتسب خطاه من أول خطوة، وألا يغفل شيئاً مما يمر به من الخطا أو غيره، حتى لو مات في طريقه فسيموت على هذه النية، ويكون كالمهاجر في سبيل الله، ولو وصل كتبت له الأجور كاملة لا ينقص منها شيء.
وهذا الإخلاص شرط لقبول العمل وشطر لصحته؛ فإن العمل لا يكون صالحاً إلا بأمرين: الأول: الإخلاص لله سبحانه تعالى.
والثاني: الموافقة لما شرعه.
فلا يكون العمل صالحاً إلا إذا جمع هذين الركنين: الإخلاص والموافقة.