للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم امتناع القتل في حق الرسل]

السؤال

لماذا لا يمتنع القتل في حق الرسل؟

الجواب

ليس مما يمنع في حق الرسل أن يقتلوا؛ لأن الموت كتبه الله على البشر: ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد ولذلك لا يستحيل في حقهم القتل؛ ولهذا قال الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:١٤٤]، وقد قتل بنو إسرائيل عدداً كبيراً من أنبياء الله، ونص على ذلك في القرآن، وهؤلاء جمعوا المقامات المختلفة، فجمعوا النبوة والرسالة والشهادة في سبيل الله، وهي أعلى درجات البشر، ومن هؤلاء زكريا ويحيى عليهما السلام، فقد صح أن بني إسرائيل قتلوهما، وكذلك حاولوا قتل عيسى بن مريم فرفعه الله، وشبه لهم بشخص فقتلوا ذلك الشخص وصلبوه.

وكذلك قتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسم الذي وضعوا له بشاة خيبر، قال: (ما زالت أكلة خيبر تعادوني والآن حان انقطاع أبهري).

فهؤلاء من الرسل الذين قتلوا في سبيل الله، والآيات مصرحة بكثرتهم، لقول الله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:١٤٦ - ١٤٧].

و (كأين) من الألفاظ التي تدل على التكثير والمبالغة، وهذا مبني على الاختلاف في القراءة في قوله: {قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران:١٤٦]، ففي قراءة: (قتل معه ربيون كثير)، وهو اختلاف لا يغير هذا الحكم؛ لأن القراءتين كالآيتين، فيثبت حكماهما لتواترهما معاً.

وعلى هذا: فالشهادة في سبيل الله منزلة عظيمة، ودرجة عالية، وقد صح في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل، ثم أحيا فأقاتل فأقتل، ثم أحيا فأقاتل فأقتل!) تمنى رسول الله هذا على الله سبحانه وتعالى.