ومن أصول الإيمان: الإيمان بقدر الله خيره وشره: فإن الإنسان مفطور على الجبن والبخل والخوف والخور، لكن إذا علم أن كل شيء مكتوب قبل أن يحصل:(وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه)، فإنه سيتشجع، ويعرف أن موتته واحدة ومكتوبة:{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}[النساء:٧٨].
ومن هنا لا يمنعه الجبن من الإقدام، ويعرف أن ما لم يكتب له لا يمكن أن يناله، وما كتب عليه لا يمكن أن يدفعه بوجه من الوجوه، ويعرف أن رزقه محدد مكتوب وهو في بطن أمه، وأنه لن يزداد شيئاً ولن ينتقص من شيء، ويعرف أن الثقلين الإنس والجن كلهم مسيرون وفق قدر مكتوب، ليس لأحد منهم أي تصرف إلا وفق هذه الخطة المرسومة، لا يستطيع أحد أن ينفع ولا أن يضر إلا وفق ما كتب له، ومن هنا يكون الاتصال بالله سبحانه وتعالى وحده، فلا خوف إلا منه، ولا رجاء إلا إليه، ولا تعلق إلا به، ولا دعاء إلا له، ولا يمكن أن يحول أي جهد بشري دون تطبيق ما أمر به، ولا أن يوقع أي خوف ولا أي طمع فيما نهى عنه؛ لأن الله وحده هو الذي يملك النفع والضر والحياة والموت والنشور، ولا يملك ذلك أحد سواه.