أما نوح فليس من ذرية إبراهيم؛ لأنه جده وهو أبو البشر بعده، وقد أخبر الله أنه جعل ذريته هم الباقين، وأما قول الله تعالى:{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ}[الصافات:٨٣] فإنها تصريحٌ بأنه من ذريته، وقيل معناه: من السالكين طريقه في النبوة والرسالة، والتضحية في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
وكذلك إدريس عليه السلام فليس من ذرية إبراهيم والراجح أنه جده أيضاً؛ لأن إدريس يسمى في كتب أهل الكتاب:(أخنوخ) وأخنوخ جد إبراهيم كما حسب في نسبه في كتب أهل الكتاب، وفي بعض الآثار عن بعض الصحابة، كـ ابن عباس، وأبي بن كعب وغيرهما، ولذلك يعدون نسب إبراهيم عليه السلام أنه: إبراهيم بن آزر بن ناحور بن فالغ بن عابر أو عيبر بن شالخ بن سام بن نوح بن لمك أو لامك بن مهلائيل بن اليارد بن الأخنوخ بن يانوش بن قينان بن شيث بن آدم عليه السلام، وعلى هذا يكون إدريس جداً لنوح، لكن قد صرح في نوح بأنه أول الرسل إلى أهل الأرض.
وإدريس رسول قطعاً، فلهذا اختلف في إدريس المذكور في القرآن، الذي رفعه الله مكاناً علياً، هل هو إدريس الأول أو هو إدريسٌ آخر.
وإدريس من الذين شرفهم الله من رسله بأن لقيهم رسولنا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، فقد لقيه في السماء الرابعة، وقد صح أنه لقي آدم في السماء الدنيا وعيسى ويحيى في السماء الثانية، ويوسف في السماء الثالثة، وإدريس في السماء الرابعة، وهارون في السماء الخامسة، وموسى في السادسة، وإبراهيم في السابعة، وفي هذا يقول شيخي رحمه الله: آدم فابن الخالتين يوسف إدريس هارون فموسى الأعرف ثم الخليل هكذا ترتيب أولاء ليلة سرى الحبيب صلى الله عليه وسلم.
وممن ليس من ذرية إبراهيم من الرسل أيضاً: هود وصالح وهما من رُسل العرب، فقد بعث هود إلى عادٍ وكانوا يقطنون جزيرة العرب، وهم أهل الأحقاف الذين يسمى موضعهم اليوم بالربع الخالي؛ لأن الله سلط عليه ريحاً عقيماً:{سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا}[الحاقة:٧].
وكذلك صالح فإنه أرسل إلى ثمود وهم الذين جاءوا بعد عاد، وظاهر سياق القرآن أن عاداً كانوا بعد قوم نوح مباشرةً، وأن ثمود كانوا بعد عاد كما صرح بذلك الترتيب في سورة الأعراف، وعلى هذا فهم قبل إبراهيم عليه السلام.
ويذكر أهل النسب أن الأنبياء المسمين في القرآن والسنة الذين ليسوا من ذرية إبراهيم ثمانية، فيعدون آدم وابنه شيثاً الذي ورد في بعض الأحاديث ذكره، ونوحاً وإدريس ولوطاً وهوداً، وكذلك يذكرون يونس بن متى الذي هو من أهل نينوى من المشرق، فيقولون: هؤلاء الثمانية ليسوا من ذرية إبراهيم ومن عداهم فهم من ذريته، ولذلك كان يلقب بشجرة الأنبياء؛ لأن الله جعل في ذريته النبوة والكتاب.