[بقدر استقامة الإنسان على الصراط الدنيوي تكون استقامته على الصراط الأخروي]
وبقدر استقامة الإنسان على الصراط الدنيوي تكون استقامته على الصراط الأخروي، فيمكن أن يقوّم الإنسان نفسه الآن في طريقه: فإن كان سالكاً لهذا الطريق لا يميل ذات اليمين ولا ذات الشمال مع بنيات الطريق ويلتزم ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى رجاء أن يثبت على ذلك؛ لأن الله تعالى يقول:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}[إبراهيم:٢٧]، وإن كان يميل ذات اليمين أو ذات الشمال مع بنيات الطريق، فليخف على نفسه يوم القيامة، عندما يرتجف الصراط، أن يميل عنه يميناً أو شمالاً، نسأل الله السلامة والثبات، ودعاء الأنبياء يومئذ: اللهم سلم سلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على مقربة من الصراط يقول:(اللهم سلم سلم)، فلذلك لابد أن يحرص الإنسان على نجاته في سلوكه لهذا المنهج الرباني وهذا الصراط المستقيم؛ حتى يقيس بذلك نجاته على الصراط الأخروي يوم القيامة، ونحن نعلم أن الصراط الأخروي مزلة مدحضة كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الصراط الدنيوي كذلك صعب جداً وبالأخص في أيامنا هذه أيام الفتن التي هي كقطع الليل المظلم: يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا.
فلابد أن يحرص الإنسان كل الحرص على ألا يضع قدمه إلا في مكان معتدل في سواء الطريق، وأن يعلم أن على حافتي الطريق أبواباً مفتحة، وعلى الأبواب ستور، وفي كل باب داعٍ يدعو إليه: يا عبد الله! إلي إلي، وفوق السورين داعي الله ينادي: يا عبد الله! لا تلج الباب فإنك إن تلجه لم تخرج منه.