[معنى أمر الله لرسوله باتباع إبراهيم ونهيه عن التشبه بيونس عليهم السلام]
السؤال
لماذا أمر الله رسوله باتباع ملة إبراهيم ونهاه عن التشبه بيونس عليهم السلام؟
الجواب
أما أمر الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم باتباع ملة إبراهيم، ونهيه عن أن يكون كصاحب الحوت الذي هو يونس عليه السلام، في قوله:{وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}[القلم:٤٨]، فنهيه عن أن يكون كصاحب الحوت مقيد؛ لأنه قال:{إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}[القلم:٤٨]، فالمنهي عنه اتباعه في حال واحد وهو تعجله في الدعاء، وأمره باتباع ملة إبراهيم يقتضي منه صبراً وأناة وحلماً وعدم استعجال في الدعاء على قومه.
فيونس تعجل عقوبة قومه فدعا عليهم كثيراً، وتأخرت الاستجابة، فاستعجل في الإجابة فغاضب الله سبحانه وتعالى بأن سافر في البحر، وكادت السفينة أن تغرق، فاستهموا على من يلقوه في البحر فكان من المدحضين، فرموه في البحر فالتقمه الحوت، ثم بعد ذلك أنجاه الله، فعاد إلى قومه بعد فترة طويلة، فدعاهم فأسلموا أجمعين، فتحقق الوعد، وارتفع عنهم العذاب، وكانت خاصة لأمته أن الله رفع عنهم العقوبة بعد أن رأوها، ولم ير قط قوم الآيات إلا نزلت بهم العقوبة، وقد استثناهم الله من ذلك فقال:{إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}[يونس:٩٨].
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:(لا تفضلوني على يونس بن متى).
والوجه المعروف لدى المحدثين عموماً: أنه لا ينبغي الجزم بالتفضيل الذي يقتضي تنقصاً، فلو فضلته بوجه لا يقتضي تنقصاً فلا إشكال فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق؛ لكن إذا كان ذلك على وجه به تنقص مثل أن تتنقص نبياً من الأنبياء بسبب قصة حصلت له أو نحو ذلك، فهذا هو المنهي عنه شرعاً.
لكن ابن سيد الناس ذكر وجهاً آخر بعيد المنال؛ ولذلك اشتهر به بين الناس، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به وعرج به فوق سبع سماوات حتى أعلا الله منزلته هذا الإعلاء العظيم، ويونس كان في قعر البحر في جوف الحوت؛ لكنه ليس أقرب إلى الله منه، فالله تعالى قريب في علوه علي في دنوه، فهذا معنى التفضيل هنا، وهذا وجه استحسنه العلماء ورضوه، واشتهر به الرجل بين الناس.