للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العدو الثاني: النفس الأمارة بالسوء]

قال الله فيها: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف:٥٣].

والنفوس التي تجبل على طول الأمل وعلى العدول إلى الراحة والطمأنينة تغر الإنسان بنفسه، وتجعله يضيع الفرص النادرة، فهي عدو من هذا القبيل، ولهذا حذر الله من غوائلها، وحقوق النفس على الإنسان ثلاثة: هي الانتصار منها للغير، وترك الانتصار لها، والخوف من غوائلها.

ثلاثة حقوق من جمعها أدى حقوق نفسه.

أولها: ترك الانتصار لها، فإذا زينت لك أنك قد اعتدي على حقوقك، وأنك لا بد أن تدافع عن نفسك وأن تأخذ حقك كاملاً فاعلم أن هذا هو عين الغرور، وأنها إنما تغرك بذلك، فهذا غرور وليس صواباً ولا حقاً، فلا تصدقها في ذلك.

ثانيها: الانتصار منها للغير، أن تأخذ منها الحقوق للآخرين كاملة غير منقوصة، وإذا لم تفعل ذلك كنت مطففاً، والله تعالى يقول: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:١ - ٦].

وقد قال مالك رحمه الله في الموطأ: يقال: لكل شيء وفاء وتطفيف.

أي: كل شيء أياً كان فيه وفاء وتطفيف.