يجب أن نتعرف على نعمة الله علينا، وألا ننكر هذه النعم، ولنتذكر حال المشركين الذين قال الله فيهم:{يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ}[النحل:٨٣]، إن علينا أن نشكر هذه النعمة وأن نقيدها، ولا يكون قيدها إلا بشكر الله، وقد تعهد الله بالزيادة لمن شكر فقال:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}[إبراهيم:٧]، فعلينا أن نذكر نعم الله ونشكرها، وأن نؤدي الحقوق التي علينا، وأن نعلم أن ما ننفقه منها، وما نقدمه منها لن يضع، وإنما هو محسوب مكتوب نجده:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}[آل عمران:٣٠].
إن من فضل الله علينا -حين سلط علينا الشهوات، وجعلنا عرضة لاستخفاف الشيطان، ولم يجعلنا معصومين- أن يسر لنا ما نفتدي به، ونتصدق به؛ حتى تكفر عنا سيئاتنا، وتحط عنا خطايانا، فما منا أحد إلا وهو مقصر مفرط في جنب الله، يتذكر ذلك كثيراً، وإذا نسيه فإن الله لم ينسه، ومع ذلك فإن الله قد آتاه ما يكفر به ما مضى، ويغسله به، ويزيله، وما ذلك إلا بصدقة يخلص فيها لله، فإنها مزيلة لآثار تلك الآثام التي قد ذهبت لذاتها، وبقيت تبعاتها، وهي شر الذنوب، فشر الذنوب ذنوب ذهبت ملذاتها، وبقيت تبعاتها، فهي مقيدة في الصحائف يجدها الإنسان يوم القيامة، وإنما تكفر بمثل هذا العمل الصالح الذي يقدمه الإنسان:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود:١١٤]، (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن).