للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقسام أفعال الخالق سبحانه وتعالى]

وأفعال الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى قسمين: - أفعال مباشرة: كخلق السماوات والأرض.

- أفعال تمر بالأسباب فيسبب تلك الأسباب التي يتوقف عليها غيرها، كخلق الإنسان، فهو يمر بالأسباب التي بينها بقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:١٢ - ١٤]، وكالصحة والمرض، والغنى والفقر وغير ذلك، فهذه لها أسباب، وهذه الأسباب تنقسم إلى قسمين إلى: أسباب كونية.

وأسباب شرعية.

فالأسباب الكونية: كالتغذية للنماء، والعلاج للبرء، ونحو ذلك.

والأسباب الشرعية: كالصدقة للغنى ولطول العمر، ولرفع البلاء، وكالدعاء وصلة الرحم، فهذه أسباب شرعية لا يمكن أن تقاس بالمعايير الدنيوية.

بفعله ليحصل اليقين له أن له رباً كريماً عدله فالدلائل ستوصله إلى معرفة صفاته، وهذا هو القدر الممكن من التعرف إليه، وإنما تعرفه بأفعاله وصفاته وأسمائه، فإذا عرفت ربك بأفعاله وصفاته وأسمائه اقتضى منك ذلك عبادته حق عبادته وتمجيده، وإجلاله وتعظيمه والأدب معه، والعمل بما شرع لك، والرغبة فيما عنده والتوكل والاعتماد عليه في كل الأمور، وأن تستحي منه في تصرفاتك، فهذا مقتضى معرفته، وإلا لم تحصل لك محبة الله، ولا خوفه، ولا رجاءه، ولا شكره، ولا هيبته، ولا الحياء منه، ولا أية صفة من هذه الصفات.

ومن هنا فالذين يقرءون العقائد دون أن يتدبروا أهدافها تكون في حقهم قسوة للقلوب، وطلاسم وألغازاً، أو نصوصاً تحفظ دون أن يفهم ما وراءها، ودون أن يتأثر بها باطن الإنسان، وهذا مخالف للمقصد والهدف.

قوله: (ليحصل اليقين له أن له رباً) هذا أول ذلك، فمن صفاته: الربوبية، والربوبية هو التوصيل إلى الكمال شيئاً فشيئاً، وهي الملك والقهر والجبروت، وقد سبق ما يتعلق بذلك من توحيد.

ثم قال: (كريماً)، وهذا شروع في عد بعض صفاته الأخرى، فمنها صفة الكرم، وهي تشمل أمرين: الأمر الأول: الكمال في الذات، ومعناه: أنه متصف بكل وصف الكمال، وهذا معنى الكرم.

المعنى الثاني: التفضل والجود، وهذا أيضاً داخل في معنى الكرم ويسمى فضلاً أيضاً.

وقوله: (عدّله)، إذا عرف الإنسان ربه عرف نفسه، وعرف أنه هو الذي لم يكن موجوداً ثم وجد، وأنه هو الضعيف المحتاج الفقير، ولهذا قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار:٦ - ٨]، فلا تعرف هذا إلا بإعمال الدلائل.

وهنا قراءتان في هذه الآية: (عدّلك) أو (عدَلك) ومعناهما واحد.

أي: سواك وركب أعضاءك وجعلها متقابلة، فطول اليدين متساوٍ وطول الرجلين متساوٍ ولو حصل نقص أو ميل في إحداهما لحصل الاختلال بالكلية.

وكذلك (عدلَك)، أي: جعلك معتدلاً في هيئتك فاليمين مناظرة للشمال، وهكذا في بواطنك وظواهرك، وهذا كله من آيات الله العجيبة، والبراهين الدالة على إحكام صنعته، وكمال قدرته وعلمه وإرادته، لذلك قال: (أن له رباً كريماً عدله) أو عدّله، ويمكن في البيت التضعيف والتخفيف تبعاً للقراءتين في السورة الكريمة.