أما إذا حصل الوعي فبالإمكان أن تمتنع هذه الشعوب عن الانجراف والمسارعة والهرولة إلى اليهود والنصارى، فالذين يسارعون إلى اليهود والتطبيع معهم يظنون أنهم بذلك سيكسبون شهرةً عالميةً وأموالاً طائلة، أو على الأقل ستجدول ديونهم، ويقضى عليها، ولكن الواقع خلاف ذلك، فاليهود أنفسهم كل ميزانيتهم مستوردة من الخارج، ودولتهم دولة فقيرة مازالت تُدعم إلى اليوم من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن غيرها من البلدان الأوروبية، وهم يسعون كذلك للتعويض من البلدان الغربية في كل سنة، فيفتعلون قضايا ويرفعونها عند المحاكم لينالوا مالاً، ففي العام الماضي أخذوا تعويضاً كبيراً من الألمان عن المحرقة اليهودية، وهذا العام أخذوا تعويضاً كبيرا من الهولنديين، والعام القادم سيأخذونه من دولة أخرى وهكذا.
فإذا كانوا أصحاب هلع وطمع، ولم يكن لديهم ما يكفيهم لتوسعهم في مشروعهم الحضاري وكانوا دولةً تعيشُ على حساب الدول، فكيف يطمع فيها من أغناه الله عنها، وبالأخص إذا عرف أنهم أهل المكر والدهاء من قديم العهد، فقد شهد الله عليهم بذلك في كتابه، وشهد عليهم بالكذب وأكل السحت وأكل الربا، وأنواع الفجور، وتحريف الكلم عن مواضعه، وبالأخص أن عداوتهم لهذه الأمة هي أعظم العداوات:{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}[المائدة:٨٢]، فعداوتهم لهذه الأمة هي أشد العداوات، حتى حاولوا التخلص من شخص النبي صلى الله عليه وسلم برمي الحجر عليه، عندما أمروا عمرو بن جحاش أن يصعد فوق الدار، وأن يرمي الحجر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في الظل، وحاولوا وضع السم له في غزوة خيبر، وحاولوا كذلك التخلص من القرآن، وسحر النبي صلى الله عليه وسلم على يد لبيد بن الأعصم وبناته.
هذه مؤامراتهم على شخص النبي صلى الله عليه وسلم فقط، ثم مؤامراتهم بعد ذلك على الأمة لا حصر لها ولا نهاية، ومن هنا فلا يرجى منهم خير، ولا يمكن أن يطمع طامعٌ في خيرٍ يأتيه من قبل اليهود الذين شهد الله عليهم بهذه الشهادات المخزية، التي أخزاهم بها وبين بها حقيقتهم، وبين بها عوارهم وما هم فيه من أنواع المذلة والمهانة {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ}[آل عمران:١١٢].