للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تعليم الأجنبي للنساء في المساجد أمور الدين]

السؤال

هل يجوز تعليم الأجنبي النساء في المساجد؟

الجواب

ذلك واجب، وهو فرض كفاية، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعله، فقد صح: (أن وافدة النساء أتته فقالت: يا رسول الله! إن إخواننا من الرجال غلبونا عليك، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فأعطاهن يوم الخميس، فكن يجتمعن له فيعلمهن ويذكرهن)، وكذلك فإنه أمر بخروجهن إلى مصلى العيد، كما في حديث أم عطية رضي الله عنها: (كنا نؤمر بإخراج العواتق والحيض وربات الخدور ليشهدن الخير ويكثرن سواد المسلمين، غير أن لا تدخل الحائض المصلى)، ثم بعد ذلك في الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما خطب الرجال ظن أنه لم يسمع النساء، فتوكأ على بلال حتى وقف على النساء، فوعظهن وذكرهن وقال: يا معشر النساء! تصدقن؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار.

فقامت امرأة من سطة النساء -أي: من أواسطهن- في وجهها سعفة -أي: تغير في لون ما تحت العينين- فقالت: لم يا رسول الله؟ أيكفرن بالله؟! قال: يكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط.

فبسط بلال ثوبه، فجعل النساء يرمين فيه بالخواتم والأخراص يهوين إلى حلوقهن وآذانهن فتصدقن، فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم لتصدقهن) والمساجد هي مكان التعليم، فهي مدارس الدين عندنا معاشر المسلمين، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم تكن له مدرسةٌ إلا المسجد، وكان يعلم فيه، ولذلك فإن من تعطيله أن تُمنع أي فئة من فئات المجتمع من التعلم فيه، علينا أن نوزع الوقت في المسجد، فنجل وقتاً للرجال، ووقتاً للنساء، ووقتاً للصبيان، ووقتاً للأميين، فيستغل المسجد في كل ذلك، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما في صحيح البخاري، من حديث ابن عمر-: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)، بل يخرجن إذا خرجن تفلات، ومعنى تفلات: غير متعطرات ولا متزينات.

فهن أيضاً لهن الحق في استقبال الملائكة، وكتابة أسمائهن عند أبواب المساجد، ولهن الحق في دخول أشرف الأماكن والبقاع، فهذا المكان هو أشرف مكان في البلد، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البقاع إلى الله أسواقها).

والذي يذنب ذنباً عليه أن يبادر إلى أحب البقاع إلى الله، لعله يصادف رحمةً فيتعرض لنفحات الله فيغفر له، فلذلك لا يمكن أن يمنع أحدٌ جاء تائباً إلى المسجد، بل قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا بني عبد المطلب -أو يا بني عبد مناف-! لا تمنعوا أحداً أراد أن يطوف بهذا البيت في أي ساعة شاء من ليل أو نهار)، وقد بين الله سبحانه وتعالى عموم المسجد، وأنه ليس بالكلمات، فقال: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن:١٨]، وقال تعالى في المسجد الحرام: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج:٢٥]، فالمسجد للناس كلهم، فلذلك لا يمنع منه أحد.