منهم كذلك العلامة ابن عبيد الديواني الذي اشتهر كذلك بالجد والتشمير في طلب العلم، وقد كان صاحب ذكاء مفرط ندر مثله في هذه البلاد، وقد كان فيما بعد يقسم وقته قسمة عجيبة، فقد حدثني جدي محمد علي بن عبد الودود عن العلامة يحظيه بن عبد الودود عن العلامة المختار بن ألما الديواني: أنه كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم يخرج فيقوم على رعاية بقر عنده حتى تحلب ويخرجها من مراحها إلى مرعاها ويخرج أولادها، ثم يجلس للتدريس حتى يقترب من وقت الزوال، ثم ينام قليلاً ثم يستيقظ فيصلي الظهر، ثم يبدأ في وقت التأليف، ثم بعد العصر يراجع بعض ما لديه من المؤلفات وبعض ما أملاه على الناس، ثم ينصرف للعناية بالمواشي والبهائم، وربما اعتنى كذلك بالبئر، فقد كان القيم على شأن الحي كله، ثم بعد صلاة المغرب يراجع للطلاب ويصححون عليه المتون، وكان عمره مشغولاً هكذا طيلة الوقت كله، فليس له وقت فراغ.
وقد أخذ عنه هذا الهدي العلامة المختار بن ألما، ثم أخذ عن العلامة المختار بن ألما عدد من تلامذته هذا الهدي، ومنهم ابنه العلامة محمد سالم بن ألما فلم يكن له وقت فراغ قط ولا رئي فارغاً قط، إما أن يشتغل بعلم وإما أن يشتغل بكسب دنيوي وإما أن يشتغل بعبادة.