للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة الفرق الإسلامية وتقييم المستعمر لها]

السؤال

هل الجماعات والفرق الإسلامية هي من صنيع المستعمر لتفرقة المسلمين أم لا؟

الجواب

لا، بل هي على ضد ما يريده المستعمر، فالمستعمر يريد تدجين الشعوب، ويريد أن تكون الشعوب المسلمة غير حية ولا متحركة، وألا يكون لها قابلية للدين ولا عناية بالمسلمين، وألا تعتني بمثل هذه الأمور أصلاً، ولذلك ففي تقرير (كسينجر) نشر في إحدى المجلات وترجم إلى العربية، يقول: إن الإسلام هو العدو الوحيد للنظام العالمي الجديد، فالنظام العالمي الجديد لا يمكن أن تقف في وجهه أي أيدلوجية إلا الإسلام، وإذا كان الإسلام عدونا المستقبلي فلابد من دراسته دراسة (استراتيجية)، وبالدراسة تبين لنا أن الإسلام حطب وشرارات -فالحطب يقصد بها الشعوب المسلمة، والشرارات الجماعات العاملة للإسلام- فمهمتنا الأولى: هي الحيلولة بين الحطب والشرارات، أي: تشويه كل الشرارات حتى لا تصل إلى الحطب لتشتعل النار، والقضاء على كل الشرارات.

ومهمتنا الثانية: هي وضع سطرة الخطورة للشرارات.

يقول: قد صنفنا هذه الشرارات فوجدناها أقساماً: القسم الأول: الذين يهتمون بالجانب الحضاري الفكري في الإسلام، يقصد الجانب العقدي، وهؤلاء فيهم خطورة لا محالة؛ لأن الجانب الذي يهتمون به يبنى عليه غيره، فكل عمل يقوم به إنسان إنما هو منطلق من عقيدته وقناعته، فالذي يؤمن بأنه إذا مات دخل الجنة فذلك دافع له للشهادة في سبيل الله، والذي يؤمن بأن النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بهذا الأمر صريحاً، وأنه خطاب موجه إليه هو فستدعوه قناعته هذه للعمل بمقتضى ما أمره به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

لكنه يقول: هؤلاء يمكن الاستفادة منهم لقابليتهم للانقسام، ولأنهم يكفرون سواد المسلمين، وهذا يقصد به حالات شاذة وأفراداً نوادر، وهو غالط في تصوره إذا كان يظن أن كل المهتمين في الإصلاح العقدي هم من هذا النوع الذي يراه، فهذا الحمد لله تضليل كبير منه وانحراف عن طريق الحق، فالذين يعتنون بإصلاح العقائد وبإعادة الناس إلى المنهج الصحيح هم أشد الناس رحمة بالناس، وهم ألطفهم بهم وهم أحرصهم على هدايتهم ولله الحمد، ولا يكفرونهم بل يريدونهم أن يكونوا من أهل الفردوس الأعلى من الجنة، ويريدون مساعدتهم على ذلك.

القسم الثاني: الذين يهتمون بالجانب الخلقي والقيمي في الإسلام، وهو يقصد هنا مثل: جماعة الدعوة والتبليغ، والجماعات التي تعتني بالأخلاق والقيم مثل بعض الطرق الصوفية، ومثل بعض الدعوات الإصلاحية السابقة التي تعتني بالقيم والأخلاق والعمل.

يقول: هؤلاء لاشك فيهم خطر عظيم؛ لأن لديهم قيماً تعارفوا عليها، والنظام العالمي الجديد ليست لديه قيم، فالقيم الأمريكية تختلف عن القيم الألمانية، عن القيم البريطانية، عن القيم اليابانية.

فالنظام العالمي الجديد ليس له قيم، والإسلام له قيم موروثة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن، لكن يمكن الاستفادة منهم؛ لأنهم يأخذون القيادات الطبيعية للمجتمع كالقائد العسكري والتاجر والمهندس والطبيب فيحصرونهم في زاوية ضيقة من المسجد فيحيدونهم عن الخلاف.

هذا ظنه هو وتصوره هو، والواقع أن كثيراً من الذين خرجوا مع جماعة الدعوة والتبليغ من الذين ينصرون الله ويسعون لإعلاء كلمة الله، ومن الذين نفع الله بهم وأعز بهم الدين في كثير من الجهات وفي كثير من البلدان، لكن هذا تصوره هو وعداوته للمسلمين.

القسم الثالث: الذين يهتمون بالجانب العلمي في الإسلام.

وهو يقصد الجامعات الإسلامية، وينشرون الكتب ويحققونها، فيظن أنهم حركة مثل هذه الجماعات، هذا تصوره هو، وهو تصور خاطئ أيضاً.

يقول: هؤلاء ليست الخطورة في ذواتهم وإنما هي في طلابهم من بعدهم؛ لأنهم يذكرونهم بأن لهم أمة لها أمجاد، فيطالبون بأمجاد أمتهم الضائعة.

القسم الرابع: الذين يهتمون بالجانب الحربي في الإسلام.

يقصد بذلك الذين يهتمون بالجهاد.

ونكتفي بهذا القدر، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.