هذا التبرك بشخص النبي صلى الله عليه وسلم لا غبار عليه ولا إشكال فيه، ولا يختلف فيه اثنان من هذه الأمة، ومثله التبرك بماء المطر المنزل من السماء، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكشف له عن كتفيه ورأسه، ففيه بركة لقول الله تعالى:{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا}[ق:٩].
وهذه البركة يمكن أن تكون شفاء من بعض الأمراض، ويمكن أن تكون أيضاً نافعة للأمراض الجلدية كما يذكر بعض المجربين لذلك، وزعم بعض أهل العلم أنها نافعة للشيب أيضاً، فكانوا يتعرضون برءوسهم للمطر للبركة التي فيه؛ لأن الله وصفه بالبركة.
وكذلك البيت الحرام، فإن الله سبحانه وتعالى يقول فيه:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ}[آل عمران:٩٦]، ففيه بركة لا يمكن أن تنكر لإثبات الله لها في كتابه، وهذه البركة في الحجر دون خلاف؛ ولذلك قبَّله رسول الله صلى الله عليه وسلم واستلمه، وفي الركن اليماني دون خلاف؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسحه بيده.
واختلف في بقية الأركان هل تمسح أم لا؟ فذهب بعض الصحابة إلى أنها لا تمسح؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمسحها، وذهب آخرون إلى أنه ليس شيء من الكعبة مهجوراً، فتمسح جميعاً، وحين بنى ابن الزبير الكعبة على قواعد إبراهيم اتفق هو وعدد من الصحابة على مسح الأركان الأربعة؛ لأنهم فهموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ترك مسح الركنين الشاميين لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، فهما في داخل الكعبة.
واليوم قد أعيدا إلى ما كانا عليه فهما في داخل الكعبة، ومع ذلك فالبيت مبارك في جميع أجزائه، ولا حرج في التبرك به من غير غلو، مع اعتقاد أنه لا ينفع ولا يضر لذاته كما قال عمر بن الخطاب في الحجر الأسود.