ثم بعد أن يصل الإنسان إلى هذه المقامات ويتحلى بها سيسعى إلى التعامل مع الناس وسيسعى إلى تحسين الخلق، بأن يصل إلى درجة يعدل فيها مع القريب والبعيد، يحسن فيها كل الإحسان حتى في حال القتل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث شداد بن أوس رضي الله عنه:(إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) فهو يقاتل الكفار وهو يرحمهم، لأنه يخاف أن يموتوا على الكفر، ويجلد العصاة وهو يرحمهم، لأنه يريد بذلك رجوعهم عما حرم الله عليهم، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهو في غاية الحرص على المأمور ليهتدي ويتوب، ولأنه يعلم أنه غير رب وغير معصوم وإنما أنجاه الله تعالى من الوقوع في هذه المعصية لطفاً ورحمة به، وابتلى بها غيره، فهو ينظر إليه على أنه مبتلى قد وقع في بلاء عظيم.
فهو من واقع حرصه عليهم يريد هدايتهم، ولا يريد التشفي فيهم، ولا التسلط عليهم ولا التجبر، وبهذا يستطيع أن يحسن التعامل مع الناس، وأن يحسن خلقه للآخرين، وحينئذ سيسعى الإنسان، للتحلي بالأعمال التي تكمل هذا الإيمان وتزيده، وهي نهاية المطاف في مجال التزكية.