لابد كذلك أن يعلم أئمة المساجد أنهم أمنا الله على الوحي، وأن الله اختارهم لمكان سامق رفيع، وأنهم إذا كانوا يخضعون لمثل هذا النوع من السفاهات فقد احتلوا مكاناً لا يستحقونه، فهذا الوحي هو أشرف ما في الأرض، ولا يمكن أن يؤتمن عليه السفهاء، ولا أن يؤتمن عليه الذين خربت هممهم، ولا يمكن أن يؤتمن على وحي الله إلا من كان أهلاً لذلك، ولهذا فإن من ائتمنه الله على وحيه فقد تحمل أعباء عظيمة، وتحمل أمانة قد عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، ولا يمكن أن يكون الإنسان متحملاً لذلك إلا إذا كان مستعداً لتبعاته وما يترتب عليه، وقد قال الله تعالى:{إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب:٧٢]، فلابد أن يتحملوا مسئوليتهم، وأن يقوموا لله بالحق الذي عليهم، وألا يبالوا بمثل هذا النوع، فإن سحرة فرعون في أول إسلامهم قد نبذوا هذه الضغوط كلها، وعندما خاطبهم فرعون بقوته وسلطانه، وهددهم بأن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وأن يصلبهم في جذوع النخل، فماذا كان منهم؟ لم يكن منهم إلا أن قالوا له:{قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا * {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلى * جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى}[طه:٧٢ - ٧٦].