إن هذه الأمة لابد أن يأتي الوقت الذي تحس فيه بأنها أمة واحدة.
ولابد أن يأتي الوقت الذي تتحرك فيه لإزالة ظلم المظلومين من أفرادها، وإن أولى الناس بقيادة ذلك هم حكام الأمة، فهم أولى الناس بأن يتقدموا وأن لا يخافوا، فهم الذين بأيديهم السلاح، وبأيديهم المال، وتطيعهم الجيوش، وإن ذلك -والله- لا ينقص من أعمارهم ولا من أرزقاهم ولا من مكانتهم شيئا، بل إنه يزيدها.
فهل سمعت أن أحداً في التاريخ أعلن الجهاد في سبيل الله فندم على ذلك؟ لا يمكن أن يقع هذا أبداً، بل إن الله تعهد بالهداية لمن سلك هذا الطريق، أليس جديراً بحكامنا جميعاً عندما اجتمعوا في بيروت أن يعلنوا براءتهم من اليهود، وأن يقطعوا علاقتهم بهم جملة وتفصيلا، وأن يعلنوا الجهاد في سبيل لإعلاء كلمة الله، لا مثل الحروب السابقة التي كانت تحت رايات أخرى غير خالصة.
أليس جديراً بهم على الأقل أن يدعموا هذا الشعب الفقير؟ وأن يمدوا إخوانهم بالمال، وأن يمدوهم بالسلاح، وأن يتكفلوا بالأيتام والأيامى والعجزة.
أليسوا يشاهدون على شاشة التلفزيون الجرحى الذين تنزف دماؤهم حتى يموتوا في الشارع ولا أحد يرثي لهم؟! أليسوا يشاهدون الأسر التي تنطلق في سياراتها فتحطمها عليها الدبابات في الشوارع؟! أليسوا يشاهدون سيارة الإسعاف تستغل ويخرج طاقمها، وتستغل هي لحرب الشعب الأعزل؟! أليسوا يشاهدون إخوانهم وزملاءهم يحاصرون في بيوت ضيقة، ويرجمون بالقذائف والصواريخ؟! إن ذلك كله صحيح، لكن العجب أن لا تتحرج ضمائر هؤلاء؟! ومتى تتحرك؟! إن بيت المقدس الآن عرضة للتحطيم والهدم، واليهود قد خططوا لذلك، ولم يرد في الوحي ما يمنع حصول ذلك، ولاشك أن كثيراً من ضمائر المسلمين يحركها هدم بيت المقدس، لكن قتل امرئ واحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ظلماً عدواناً أعظم عند الله من هدم بيت المقدس.
إن ما يحصل كل يوم هو أعظم من هدم بيت المقدس، ولذلك يجب على المسلمين جمعياً أن يستشعروا مسئوليتهم عن مقدسات هذه الأمة وعن شعوبها المسكينة الضعيفة، وأن يقدموا ما يجدونه لله، فهم يقرؤون قول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة:١١١].
فهذه الآية من قرأها ولم يقم بحقها فإنها تلعنه على لسانه، (رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه).
إن الذي يقرأ آيات الجهاد، ويقرأ الأحاديث الحاضة على نصرة المسلمين، ولا يتحرك ضميره فهو ميت لم يعد به إيمان؛ لأن الإيمان نور رباني وروح من عند الله تحركه مثل هذه المشاهد، فإذا اختل شيء منه دل ذلك على إن الإنسان قد سلب منه إيمانه وفارقه، نسأل الله السلامة والعافية.