ما حكم صلة الجار إذا كان قريباً نسبه ولم يكن بمحرم كبنات العم والخال، وهل يجوز للشخص أن يهجر جاره القريب فوق ثلاثة أيام؟
الجواب
صلة الرحم من شعب الإيمان البارزة، وقد قال الله تعالى:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}[محمد:٢٢ - ٢٣]، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إن الله حين خلق الرحم أمسكت بساق العرش فقالت: يا رب! هذا مقام العائذ بك من القطعية.
فقال: أما ترضين أن أصل من وصلك وأن أقطع من قطعك؟)، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم بالغ بالحض على صلة الرحم، وبين أن أفضل صلة الرحم صلة الرحم الكاشح الحاسد المشاكس، ولم يرد في الشرع تقييد للرحم بأن تكون محرماً، بل ذكر البخاري رحمه الله في صلة الأرحام، فقال: صلة الرحم: تشريك القرابات فيما أوتي الإنسان من أنواع الخيرات، فيدخل في ذلك الزيارة والدعاء والسؤال عن الحال والإهداء والنصيحة وغير ذلك مما ينفع، ويشمل ذلك الأجنبية وغيرها من ذوي الرحم.
لكن آكد ذوي الأرحام صلة هم الذين يتوارث الإنسان معهم، فالذين ترثهم ويرثونك هم آكد ذوي الأرحام رحماً، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم.
وأما الجار فلا يحل هجرانه إلا على أساس معصيته؛ لما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يهجرن أحد أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذين يبدأ بالسلام)، وفي رواية:(وأفضلهما الذي يبدأ بالسلام)، فحرم النبي صلى الله عليه وسلم أن يهجر الرجل أخاه فوق ثلاث، ومثل ذلك هجران المرأة المرأة فوق ثلاث، فالهجران إذا كان على أساس المعصية فلتهجره وقت مقارفة المعصية؛ لقول الله تعالى:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[الأنعام:٦٨].
وأما الهجران المطلق فإنما يقصد به تأديب الإنسان المصر إذا علم أن ذلك يؤثر فيه، أما إذا علمت أن هجرانك لا يؤثر فيه ولا يرده عن باطله فلا تهجره بهجرة البدن.