للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تحويل المسجد إلى مكان آخر]

السؤال

في قريتنا مسجد سقفه من الخشب والحديد، وبنت لنا الهيئة مسجداً من الأسمنت المسلح ملاصقاً له، إلا أن طوله أو عرضه أقل بثلاثة أمتار، فهل يجوز لنا أن نحول الصلاة إلى المسجد الجديد الذي هو أجمل وأقوى أم لا يحل لنا ذلك؟

الجواب

المسجد الذي تصلون فيه لم يأت جبريل بتخصيص ذلك المكان بخصوصه أنه المسجد؛ ولهذا فأنتم مخيرون قبل أن يبنى المسجد في أي مكان هو أليق بكم وأولى لكم أن تبنوا فيه المسجد الذي شئتم، وإذا بنيتم مسجداً ثم بنيتم ما هو أحسن منه وأولى، فالانتقال إلى الأولى أفضل، وقد قال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور:٣٦]، ونقل المساجد لمصلحة المساجد لا خلاف فيه بين أهل العلم؛ فقد أجمعت المذاهب على نقل المساجد لمصلحتها هي؛ كما إذا كان المسجد في زقاق ضيق، أو لم تكن له طريق نافذة، فينقل إلى مكان متسع، أو زقاق نافذ.

أما نقل المسجد لغير مصلحة المسجد فهو محل خلاف بين أهل العلم: فذهب جمهورهم إلى جوازه إذا كانت المصلحة عامة، واستدلوا بكتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى سعد بن أبي وقاص: (انظر إلى المسجد الذي بالتمارين فانقله، واجعل بيت المال في قبلته، فلن يزال بالمسجد مصلي)، فالمسجد الذي بسوق التمارين بالكوفة أمر عمر بنقله من مكانه، وأن يجعل خلف بيت المال، وأن يجعل بيت المال في قبلته؛ ولذلك فانتقال المساجد من مكانها إلى جواره، أو نحو ذلك من الأمور الداثرة التي عرفت في كل مكان وفي كل زمان، فما من مكان عرف في هذه الدنيا إلا وفيه مساجده العتيقة القديمة التي يجدد بناؤها ولم يستطع هدمها، أو كان في هدمها تكاليف، أو فيها إتلاف لمال قائم، فيبنى حولها مسجد، وتقام هي لمصلحة المسجد، فتكون وقفاً للمسجد، أو متجراً ريعه للمسجد مثلاً، أو سكنا ًلطلاب العلم أو لإمام المسجد، أو نحو ذلك.

ولهذا ليس من المصلحة الشرعية أن يعطل المسجد الأول؛ بل ينبغي أن يصرف ريعه لمصلحة المسجد الثاني، فيجعل بيتاً للاستئجار وريعه للمسجد الثاني، أو يجعل متجراً، أو يجعل مكاناً لسكن الإمام، أو طلاب العلم، أو للفقهاء، أو لمصلحة عامة تعود على المسجد بالنفع.