للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اشتراط الإخلاص في الإيمان]

ذكر الشيخ أطراف هذه المسألة فقال: (والإيمان كله)، والكل يشمل جزئيات متعددة، وهذا يدل على أنه ذو جزئيات سواء تعلق الأمر بفعل الجوارح لتفاوت الناس به، كما قال: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)، أو تعلق الأمر بعمل القلب؛ لأن الناس متفاوتون فيه بحسب ما يعلمونه تفصيلاً، وبحسب تمكن الإيمان منهم ورسوخه في نفوسهم، فلهذا قال (كل)، وكل (كلٍّ) لابد أن تعلم جزئياته، فلذلك ذكر الجزئيات بقوله: (قد شمل عقداً)، ومعناه: اعتقاداً بقلب، أي: بمكان الاعتقاد من النفس.

قوله: (مع قول)، وهو النطق بالشهادتين وبذكر الله سبحانه وتعالى، والإقرار بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به.

قوله: (وعمل) وهو أعمال الجوارح الأخرى، مثل أركان الإسلام الخمسة.

قوله: (بنية)، معناه: لا يتم هذا الإيمان إلا بنية، أي: بقصد لذلك، فمن أقر باعتقاد قلبه مع قول ومع عمل لكنه لم ينو بذلك التقرب إلى الله سبحانه وتعالى وتصديق ما أرسل به رسله، فإنه لن ينفعه إيمانه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات)، والإيمان من الأعمال، وهذا محل بحث: فقد ذكر بعض أهل العلم أن عمل القلب لا يحتاج إلى النية وإلا لاقتضى ذلك دوراً؛ لأن النية نفسها عمل قلب، ولا يمكن أن تكون النية محتاجة إلى نية، وإلا لاحتاجت تلك النية إلى نية ولاحتاجت تلك الأخرى إلى نية فيقع التسلسل، وهذا ممنوع.

لكن يجاب عن هذا بأن المقصود بنية الإيمان الإخلاص، والإخلاص شرط لكل عمل، فإذاً الإخلاص فيه لله هو المقصود بالنية هنا، وهذا معنى قوله: (بنية)، أي: بإخلاص.