العلاج الأول: الاتفاق على المرجع: فمن المهم جدًا وجود مرجع في الخلاف، وهذا المرجع إما أن يكون مرجعًا دينيًا، والمرجع لدى المسلمين هو الوحي:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء:٥٩]، فالرد إلى الله بالرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله بالرد إلى سنته، ولكن لابد أن يعلم أن الرد نفسه لا يمنع الخلاف ولا يردعه، وإنما يعود ذلك إلى الفهم والاستيعاب والاستنباط، كما قال تعالى:{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[النساء:٨٣]، ولم يقل:(لعلموه جميعًا)، فليس مجرد الرد كافياً في رفع الخلاف كما يتوهمه كثير من المستعجلين، فيمكن أن نرد إلى الكتاب ونرد إلى السنة، ويبقى الخلاف وارداً؛ لوجود خلاف في الدلالة لا في الدليل، فالكتاب والسنة على الرأس والعين، لكن ما معناهما؟ هل فهمك أنت فيهما مرجع بالنسبة لي أنا؟ فهذا أمر لابد أن ينتبه له من البداية.
النوع الثاني من أنواع المراجع: الأشخاص الذين هم محل ثقة، وهم أهل العلم والتقوى والورع الذين أحال الله عليهم في قوله:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل:٤٣]، وفي قوله:{لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[النساء:٨٣]، ومن المعلوم أن هذه الأمة لا تخلو منهم، فإذا كان للأمة مرجع يُصدر عن قوله في الأمر؛ فذلك قمن لرفع الخلاف وإزالته.
النوع الثالث: المرجع النظامي، والمرجع الرسمي ومن أبرزه الخليفة، فلو وجد للمسلمين خليفة، فإنه يرفع الخلاف بينهم؛ لأن حكمه يرفع الخلاف.
ومثل ذلك القاضي الذي تنصيبه صحيح، فإن حكمه يرفع الخلاف في المسائل الخلافية، ومع الأسف أن وجود المرجع اختص بها أهل البدع اليوم، فاشتهرت لدى الشيعة، وفقدت لدى أهل السنة، فالشيعة لديهم مرجع يرجعون إليه في حل خلافاتهم، ويصدرون عن رأيه جميعًا -وهذا في بعض فرقهم لا كلها- وأهل السنة ليس لهم من المراجع ما يرجعون إليه، ويتراجعون عن أقوالهم أمامه.