[العلوم الدينية]
القسم الثاني: العلوم الدينية، وهي أهم، وهي التي ترجع إلى الدين وحفظه والعناية به، وهي التي ورد فيها الفضل السابق، وإنما تذكر الأخرى معها تبعًا لها، وتنال من فضلها بنية صاحبها إن أخلص، وهذه تنقسم إلى قسمين: مقاصد ووسائل أو مبادئ ومتمات.
ويمكن تقسيمها -أيضًا- إلى سلالات، فمثلاً في علوم القرآن نجعل القرآن -مثلاً- قسمًا مستقلاً من أقسام العلوم الدينية، وفي هذا القسم خمسة علوم هي: ١ - علم التجويد: الذي هو أداء القرآن والنطق به، بصفات الحروف ومخارجها، وكيفية النطق بها.
٢ - القراءات: اختلاف الأحرف، وما اختلف فيه القراء.
٣ - التفسير: بيان معاني القرآن وما يستنبط منه.
٤ - الرسم والضبط: كتابة المصحف التي كتبها الصحابة, والضبط الذي ضبطه به التابعون، من النقط والشكل.
٥ - علوم القرآن: وهو يشمل أسباب النزول، والمكي والمدني، والمحكم منه والمتشابه، وإعجازه بأوجه الإعجاز المختلفة، وتاريخ المصاحف وكتابتها، وتراجم الرواة والقراء.
إذًا: هذه خمسة علوم، بعدها مجموعة أخرى هي الحديث، ويدخل فيه ستة علوم هي: ١ - علم المصطلح: مصطلحات أهل الحديث.
٢ - علم متون الحديث، وهو علم الحديث رواية.
٣ - علم شروح الحديث، وهو: ما يستنبط من الحديث وما يستخرج منه من العلم، وذلك في شروح الحديث المعروفة.
٤ - علم الرجال وعلم الجرح والتعديل، ويدخل فيه الطبقات -أيضًا- لنقلة الحديث.
٥ - العلل: بيان علل الحديث وبيان الفرق بين الصحيح والضعيف.
٦ - علم التخريج ودراسة الأسانيد، ببيان من أخرج الحديث ومواضعه منه، ودراسة الأسانيد حتى يحكم على الحديث.
ثم السلالة الأخرى: علوم الفقه، وهي عشرة: ١ - علم الفقه المذهبي في المذاهب، ومذاهب أهل السنة المشتهرة أربعة هي: المذهب الحنفي، والمذهب المالكي، والمذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي، ويمكن أن يضاف إليها -أيضًا- المذهب الظاهري، أما المذاهب المندثرة لأهل السنة فهي كثيرة، وهذه المذاهب لابد من دراستها من كتبها المتخصصة فيها، وأخذها من الكتب التي تقارن لا يفي بها، ويكثر فيها الغلط.
٢ - علم الفقه المقارن، وهو: مقارنة هذه المذاهب بما يسمى بالخلاف العالي والخلافيات ونحو ذلك.
٣ - علم القضاء، وهو علم مستقل ألف فيه كثير من التآليف المستقلة، في أدب القاضي والبينات والإقرار والشهادات ونحو ذلك.
٤ - علم فقه النوازل، وما يتعلق به كالفتاوي، وقد ألف في كثير من الكتب.
٥ - علم الفرائض، وهو: ما يتعلق بالتركات وقسمتها.
٦ - علم الآداب الشرعية، وقد ألف فيه عدد من الكتب.
٧ - علم أصول الفقه.
٨ - علم تخريج الفروع على الأصول، وهو الذي تعرف به فائدة أصول الفقه.
٩ - علم القواعد الفقهية والأشباه والنظائر والفروق.
١٠ - علم تاريخ التشريع وبيان نشأة المذاهب وتدوينها.
ثم سلالة العلوم العقلية، وهي سلالة مستقلة، ومنها علم التوحيد، ويبحث عن حقوق الله سبحانه وتعالى، وشرح الإيمان وأركانه وما يتعلق به، ويشمل ذلك مشاهد القيامة وغير ذلك.
ثم علم الكلام وهو المسائل النظرية في العقائد، والمناظرات فيها، وذكر الفرق والأقوال، ويمكن أن يقسم هذا إلى قسمين: ١ - علم الكلام النظري.
٢ - علم الفرق والمقالات وهو علم مستقل أيضًا.
ثم علم الجدل وهو يشمل قسمين: ١ - الجدل الفقهي.
٢ - الجدل العقدي.
ثم علم المنطق، وعلم آداب البحث والمناظرة، وآداب الخلاف، وأسباب الخلاف.
وعلم السير، وهي سلالة مستقلة، وتبحث في السير وما يتعلق بها مثل: ١ - علم المغازي والفتوح والأمصار.
٢ - علم الشمائل النبوية.
٣ - علم التاريخ الإسلامي.
٤ - علم الأنساب العرب والعجب.
علوم اللغة: وهي سلالة مستقلة وهي كثيرة منها: ١ - علم المفردات اللغوية.
٢ - علم النحو.
٣ - علم الصرف.
٤ - علم البلاغة.
٥ - علم الاشتقاق.
٦ - علم الشعر.
٧ - علم العروض والقوافي.
٨ - علم الإنشاء.
٩ - علم الأدب.
١٠ - علم الهجاء والخط وأنواع الخطوط.
١١ - علم الحساب الفلكي.
١٢ - علم الحساب الرقمي.
فهذه أهم تخصصات العلوم الإسلامية التي اشتغل بها العلماء، ومن جمعها جميعًا فوصل إلى حد متوسط من إدراكها، واستطاع تدريس كل واحد من هذه العلوم؛ فهو العالم، ومن تخصص في بعضها لم يستحق هذا اللقب -العالم- وإنما يستحق أن يدرج في حملة العلم والمتخصصين في بعض جوانبه دون بعض.
وجمع هذه العلوم سهل، والجامعون لها في تاريخ الأمة كثير، ولكن اليوم بسبب غزو الحضارة الغربية ركن الناس إلى التخصص في جوانب هذه العلوم؛ فاقتضى ذلك أن يقل المهتمون بجمعها كلها، وأن يندروا، وذلك من رفع العلم الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فقد صح عنه -في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بموت أهله، حتى إذا لم يبقِ عالمًا اتخذ الناس رؤساء جهالاً فاستفتوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا).
فمن رفع هذا العلم إقبال الناس على التخصصات وترك الإحاطة بها.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح والإخلاص في القول والعمل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.