[الغاية والهدف من دراسة علم العقائد]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد من الله علينا بإكمال شرح نظم الشيخ المتعلق بالعقائد، وقد ترك الشيخ حفظه الله تعالى التفصيل في بعض المسائل اعتماداً على تفصيل ذكره في نظمه لجامع خليل، فإن أصل الكتاب كان نظماً لمختصر خليل في الفقه المالكي، وكذلك نظم في آخره الجامع لـ خليل نفسه.
هذا الجامع كتاب يجمع العقائد والآداب والأخلاق الشرعية، وكثيراً من الأحكام المتعلقة بالسلوك عموماً، قد نظمه الشيخ في حوالي خمسمائة بيت، والمبحث العقدي منه بين أيدينا اليوم، وهو أبيات قليلة تضيف بعض التفصيلات لما سبق، ومع هذا فقد تقيد الشيخ في أغلبها بترتيب خليل، فليست العهدة الكاملة فيما يذكر هنا على الشيخ بل العهدة مشتركة، فمنها ما هو على خليل بن إسحاق المالكي مؤلف المختصر للتوضيح وغيرهما.
يقول الشيخ حفظه الله: فيلزم القاصد نهج الجنه لكي تسير النفس مطمئنه أن يمعن النظر في الدلائل ويستدل لوجود الفاعل بفعله ليحصل اليقين له أن له رباً كريماً عدّله بين في هذه الأبيات فائدة دراسة هذا العلم، فكل عمل لا يعرف الإنسان هدفه لا يمكن أن يقومه.
ومن هنا فدراستنا لأي علم من العلوم لابد أن نحدد لها هدفاً حتى نستطيع تقييمها ومدى استفادتنا منها، وهل وصلنا إلى النتيجة المرضية المطلوبة أو لم نستفد ولم نصل إلى تلك النتيجة؟ فهدف دراسة علم العقائد هو معرفة الله سبحانه وتعالى وحصول اليقين في قلب المؤمن، أي: زيادة إيمانه وثباته واستقراره، وهذا اليقين الذي يحتاج إليه الإنسان في كل أموره تطلب زيادته في المجال العقدي أكثر من زيادته في غيره، ومنطلقه من البحث على الدلائل: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:١١١]، هذا مبدأ اليقين كله.
فمبدأ اليقين أن يبحث الإنسان عن الدليل في كل أمر حتى لا ينطلق من مجرد الخلط والجهل وحتى يكون على بصيرة من أمره في كل ما يعتقد أو يقول.
ومن هنا قال: (فيلزم القاصد نهج الجنه)، أي: يجب على السالك طريق الجنة، أي: المؤمن الذي يريد رضوان الله سبحانه وتعالى وجنته.
(لكي تسير النفس مطمئنه) معناه: لكي يختم له بحسنى فتكون نفسه وقت الممات من النفوس التي تخاطب فيقال لها: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر:٢٧ - ٢٩].
(لكي تسير النفس) معناه: تخرج من هذه الدنيا -وهي سائرة لا محالة، (مطمئنة) أي: لتكون كذلك، والنفوس ثلاثة أقسام: الأول: النفس المطمئنة، وهي التي حصل لها اليقين واستقر فيها الإيمان وثبت.
الثاني: النفس اللوامة، وهي التي آمنت ولكنها لم يكتمل فيها اليقين بعد.
الثالث: النفس الأمارة بالسوء، وهي التي تنتاب صاحبها الشكوك والأوهام، وكل هذه النفوس للمؤمن، وللكافر تقسيمات أخرى.