الشرك الأصغر موجود في الناس، لكنه أخفى من دبيب النمل، ومنه: الرياء: أن يرائي الإنسان بعمله فيريد أن يراه الناس على ذلك العمل، فيمدحوه به، أو يتقربوا إليه به، أو يكون محلاً لتقديرهم واحترامهم، فهذا النوع شرك بالله سبحانه وتعالى، وهو غير مخرج من الملة لخفائه واستبطانه، لكنه محبط للعمل ومبطل له.
ومنه التسميع: وهو أن يسمع الإنسان، فيتحدث بأنه فعل القربة الفلانية، سواء كان صادقاً أو كان كاذباً، فكل ذلك إشراك بالله في هذا الجانب، وهو من الشرك الأصغر الذي يحبط ذلك العمل، لكنه لا يقتضي كفراً، ولا خروجاً من الملة.
ومثل ذلك كل اعتداء يقتضي كفراً أصغر كقتال المسلمين، والسعي لتفريق كلمتهم والاعتداء على حقوقهم، فقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم كفراً، لكنه كفر أصغر لا يخرج من الملة، قال صلى الله عليه وسلم (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)، وقال:(لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بع).
فيجب على الإنسان أن يتعلم هذه الأحكام وأن يعرضها على نفسه، فإن وجد في نفسه جانباً من جوانب الشرك أياً كان عرف أنه قد تلبس بأخطر الأمراض وأعظمها، فهو أعظم من كل الأمراض البدنية، وعليه أن يبادر لعلاجه، وعلاجه إنما يكون بتحقيق الإيمان، والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى منه، وإحسان العمل في المستقبل، كما قال تعالى في حق الكفار:{فإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}[التوبة:١١]، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله).