للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل العلم والعلماء]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن الله عز وجل قد وصف نفسه بالعلم، وأثنى على العلماء من عباده، واستشهد العلماء على أعظم شهادة بعد أن شهد بها وأشهد بها ملائكته، فقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:١٨]، وأخبر أن العلماء وحدهم هم الذين يخشونه حق خشيته، فقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:٢٨]، وأخبر أنه يرفع منزلتهم ويعلي درجتهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَا فْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:١١]، وأخبر أنهم وحدهم هم الذين يصلحون للتلقي عن الله عز وجل، فقال تعالى: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:٤٣]، وحكم لصالحهم في قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [الزمر:٩].

وكذلك نوه الرسول صلى الله عليه وسلم بمنزلتهم، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العلماء ورثة الأنبياء)، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنا -معاشر الأنبياء- لا نورث، ما تركناه صدقة، إنا لم نورث ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثنا هذا العلم فمن أخذ به أخذ بحظٍ وافر)، وكذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).

وكذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم الحض على طلب العلم، فقد أمره الله بذلك في قوله: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه:١١٤]، وحض صلى الله عليه وسلم على طلبه، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً؛ سهل الله به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه).

وكذلك جاء عنه صلى الله عليه وسلم في السنن أنه قال: (إن العالم يستغفر له كل شيء، حتى الحيتان في البحر).

وكذلك جاء عنه صلى الله عليه وسلم في السنن والمسند أنه قال: (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم).