للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعليم الرجال للنساء]

السؤال

ما حكم تعليم الرجال للنساء في مكان واحد، مع ذكر الدليل الشرعي وشروط ذلك جزاكم الله خيراً!.

الجواب

إن الله عز وجل أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم معلماً للناس، فعلم الرجال والنساء معاً ولم تختص دعوته بالرجال دون النساء، بل كان يعلم الرجال والنساء، وأول من استجاب له النساء، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن النساء قلن له: (يا رسول الله! إن إخواننا من الرجال غلبونا عليك فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوم الخميس فاجتمعن عليه فعلمهن وذكرهن، وكان مما قال: ما من امرأة يموت لها ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا كانوا لها ستراً من النار، فقالت امرأة: واثنين؟ فقال: واثنين).

وكذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس وأبي سعيد الخدري في الصحيحين أنه (خطب يوم العيد فظن أنه لم يسمع النساء، فتوكأ على بلال فوقف على النساء فوعظهن، وذكرهن، وكان مما قال: يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار).

وكذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم النساء في المسجد في الحلقات التي يسمعها الرجال والنساء، ويروين ذلك الحديث، فهذه أم عطية رضي الله عنها، تروي لنا كثيراً من أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر التي تشمل الرجال والنساء، وكذلك كان على المنبر يأمر الرجال أن لا ينصرفوا حتى ينصرف النساء، لأن النساء يصلين في الصفوف الخلفية، ويأمر النساء أن لا يرفعن أبصارهن من السجود حتى يجلس الرجال؛ لئلا ينكشف عليهن شيء من عورات الرجال.

ونهى عن منع النساء من الذهاب إلى المسجد، ومن المعروف أن المسجد لم يبن للصلاة فقط، وإنما بني للتعليم ونشر العلم والتبليغ عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ولذلك أخرج مالك في الموطأ: (ما من امرئ يخرج إلى المسجد لا يخرجه إلا علم يعلمه أو يتعلمه، إلا كان كالمجاهد في سبيل الله رجع غانماً)، فهذه الأحاديث الصحيحة تقتضي جواز، بل وجوب تعليم الرجال للنساء، وأنه يحرم خلوة رجل واحد بامرأة واحدة، ليس معهما ثالث، لكن لا يحرم خلوة رجل واحد بامرأتين، أو بأكثر من ذلك، وبالأخص في غير ريبة إذا كان سيعلمهن.

وإذا لم يجد النساء من يعلمهن فروض الأعيان وجب ذلك على من يستطيعه من الرجال، وإن تركه أثم، ولا يجوز له أن يسمع في ذلك لومة لائم، ولا أن يطيع فيه أحداً لأنه معصية لله تعالى، ويجب على النساء كذلك أن يتعلمن فرض عينهن من العقيدة، والعبادة والمعاملة، وما يمكن أن يتعلمن من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يسعين لتعلم ذلك مهما استطعن، وأن لا تأخذهن في ذلك لومة لائم، مهما كلفهن ذلك، وعليهن أن يصبرن على ما يجدنه في سبيل ذلك من المضايقة.