قول الله تعالى:{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}[النور:٣١]، هل يدخل في ضمن ذلك ما ظهر من الثوب، وما صفة الثوب الذي يطلب من المرأة الخروج فيه في السفر؟ وهل هو القبيح بحيث يكون في لباسها له عدم صيانة العرض، أم الحسن الذين لم يكون لافتاً للانتباه؟
الجواب
إن قول الله تعالى:{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}[النور:٣١] فيه استثناء بما يحل للمرأة إبداؤه من الزينة، وهو ما ظهر؛ لأن المرأة لا يمكن أن يحرم عليها إبداء الزينة مطلقاً وهي تحتاج إلى الخروج ومخالطة الناس في البيع والشراء وغير ذلك، فأذن الله لها في إبداء ما ظهر منها.
واختلف أهل العلم ما هو؟ فقال بعضهم: هو اللباس الظاهر.
وقال بعضهم: ما كان في الوجه من الكحل ونحوه، وما كان في اليدين من الخاتم ونحوه.
وهذا المذهب الأخير هو الذي ذهب إليه جمهورهم، فرأوا أن ما ظهر منها هو ما كان في الوجه واليدين، وبهذا فسر هذه الآية عدد من الصحابة، وفسرها غيرهم، بأن المقصود بذلك اللباس الظاهر، فاللباس ظاهر كله من الزينة؛ لقول الله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف:٣١]، فالزينة المقصود بها ما يستر العورة من اللباس، فهذا هو القول الثاني، وعلى هذا فإن الملابس التي تخرج فيها المرأة لا يحل أن يكون فيها عطر قطعاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(أيما امرأة تعطرت فخرجت من بيتها فهي زانية)، وكذلك لا ينبغي أن تكون من لباس الزينة الذي لا يلبس إلا في الأعياد ونحو ذلك، فهذا أيضاً مدعاة للريبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في خروج النساء للمسجد:(وليخرجن إذا خرجن تفلات)، أي: غير متزينات.
وأما ما دون ذلك فهو من الأمور المشككة لا المتواطئة، فبالإمكان أن تكون ملابس حسنة ظاهرة لدى قوم وهي رخيصة الثمن غير حسنة لدى آخرين، ولا عبرة بما يحصل فيها التفاوت حينئذٍ من هذا الأمر، فإذا لم تكن الملابس مختصة بالزينة فالأمر فيها ميسور، أما الملابس القبيحة المزرية فلا ينبغي على من أنعم الله عليها من النساء بما تستتر به أن تتخذها للخروج؛ فإن ذلك من تواضع النفاق وهو ذميم:(إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عباده)، والخروج في تلك الملابس من غير ضرورة من المذلة التي نهي عنها أهل الإسلام، ولذلك فهي من الأمور التي ينبغي التفريق بينها وبين التواضع، كما قال السيوطي رحمه الله: والمرء محتاج إلى أن يعرف فرق أمور في افتراقها خفا كالفرق بين العجز والتوكل والحب لله ومعه المنجلي إلى أن يقول: وعزة في أمر دين والعلو والاجتهاد في اتباع والغلو فعد منها التواضع والمذلة، فلا بد أن يفرق الإنسان بينهما.