إن الإنسان الذي أنفق في وقت الرخاء، لا يقاس بالذي أنفق في وقت الشدة؛ ولهذا قال الله تعالى:{لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}[الحديد:١٠]، إن الذين أنفقوا في وقت الشدة يصدق فيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم:(سبق درهم مائة ألف درهم) , جاء قوم من الأعراب مجتابي النمار، عامتهم من مضر، فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم -وكان أرحم بالمؤمنين من أنفسهم- فتمعر وجهه رحمة بهم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، ثم قال:(أنفق رجل من صاع تمره، من صاع بره، من صاع شعيره، من درهمه، من ديناره).
جاء رجل من الأنصار وقدم درهماً واحداً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(سبق درهم مائة ألف درهم) إن درهم ذلك الأنصاري عند الله أكبر وأربح من مائة ألف درهم ينفقها من سواه، لأنه كان من السابقين الذين يقتدى بهم، فكل من اقتفى أثره يكتب له من حسناته دون أن ينقص ذلك من أجر المنفق شيئاً.