للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المرور على الصراط]

ثم بعد ذلك يأتي مشهد الظلام الشديد الذي لا يرى فيه شيء، ولا يبقى إلا من أنار الله وجهه وبيضه، ويرزق الله تعالى المؤمنين نوراً، فيسألون الله أن يتم لهم نورهم، فيلتمس أهل الكفر نورهم، ويسألونهم أن ينتظروهم حتى يقتبسوا منهم نوراً، ولكنه يضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، ثم بعد هذا ينصب الصراط على متن جهنم، وهو أحد من السيف وأدق من الشعرة، وعليه كلاليب كشوك السعدان، يتفاوت الناس عليه بحسب أعمالهم، فمنهم من يمر كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر كالريح المرسلة، ومنهم من يمر كأجاويد الخيل والإبل، ومنهم من يمر كالرجل يشتد عدواً، ومنهم من يمر كالرجل يزحف على مقعدته، فناج مسلم، ومخدوش مرسل، ومكردس على وجهه في نار جهنم.

وينادي الله تعالى آدم: أخرج بعث النار، فيقول: يا رب! من كم؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، فذلك: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:٢].

ثم بعد هذا يؤذن لأهل الجنة بدخولها بعد شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق، ويلقون فيها سلاماً، فيسلم عليهم الملائكة وقت دخولهم: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر:٤٦] ثم يسلم عليهم أرحم الراحمين فيقول: {سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس:٥٨] وبينما هم في نعيمهم إذ سطع لهم نور من فوقهم، فينظرون فإذا الله سبحانه وتعالى قد تجلى لهم، فينظرون إليه لا يضامون في رؤيته، فلا ينظرون إلى شيء مما هم فيه من النعيم ما داموا ينظرون إليه.