وهذه الصلاة ميزتها أنها صلة العبد بربه، وهي أوثق عراه به، فهي التي ينال بها المناجاة والقرب، وأقرب أحوال العبد من ربه وهو ساجد، لحديث:(أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، وهي التي تفتح له فيها الخزائن، وتتقبل رغباته فيها، وتقال عثراته، ويكفر عنه بها ما عداها، وهي أول ما يبدأ به من الأعمال يوم القيامة، فإن نجت للإنسان وكملت له لم يضره ما سواها، وإن ردت عليه طويت كما يطوى الثوب الخلق ثم يضرب بها وجهه وترد عليه أعماله، نسأل الله السلامة العافية.
ومن هنا قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(حد ما بين العبد والكفر والشرك ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم:(إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).
إن هذه الصلاة يجب أداؤها على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى بشروطها وأركانها في أسبابها -التي هي الأوقات- على وجهها الصحيح، لكنها لا تتم بذلك، فأدنى الكمال فيها أن تأتي فيها بخشوعها، وأن تأتي فيها بسننها اللازمة، ثم بعد ذلك يأتي الكمال بما يكملها من المندوبات وهو أعلى الكمال، فإذا تم خشوعها وحضورها وسننها ومندوباتها وجاءت في وقتها وحصلت في جماعة وأداها الإنسان بكل إخلاص فيها وبكل إقبال على الله سبحانه وتعالى وتجرد له في وقتها وجعل هذا الوقت الذي خصصه للصلاة خاصاً لها لا يريد فيه أي عمل آخر فهذا هو أعلى الكمال، وهو الذي تكون الصلاة به ناهية عن الفحشاء والمنكر.