ثم علينا أن نتعلم أن الميل ذات اليمين أو ذات الشمال في أي جانب من جوانبه مقتض لاستمرار ذلك في الجوانب الأخرى من حيث لا يشعر الإنسان.
فمثلاً: في الجانب العقدي، إذا أخذ الإنسان بسواء الطريق، أدى ذلك منه لاستقامة عمله كله، ولانطلاقه من المبدأ الصحيح، فلا يكون غالياً مجاوزاً للحد في الاعتقاد، فذلك مدعاة لمسلسل من الأخطاء لا حصر له، وإذا بالغ الإنسان في إتباع ما تشابه من القرآن, أو في إتباع ما تشابه من السنة وغلا في ذلك لابد أن يصل إلى حد يكون به مبتدعاً آتياً بما لم يأت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما لم يقله أحد من قبله، ومن هنا يزداد ضلالاً بعيداً ولا يزال في ذلك الطريق المظلم الموحش، نسأل الله الثبات والاستقامة.
وهذا الذي يؤدي بالناس إلى تكفير المسلمين، ويؤدي بهم إلى الغلو في الدين، بأن يأخذوا جزئية واحدة ليست من المحكم البين فيجعلوها محكاً للناس ومعياراً لهم، يمتحنونهم على أساسها، فليس ذلك من المنهج الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإنما كان يأخذ الناس بمحكم الدين وبالأسهل والأخف، وعندما سأله جبريل عن الإيمان ذكر ستة أمور فقط، قال:(أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره).
وعندما أتاه رجل وقد حضر الصف فقال:(يا رسول الله! أسلم وأقاتل أو أقاتل ثم أسلم؟ قال: أسلم ثم قاتل، فقال: أشهد ألا إله إلا الله وأنك رسول الله، وقاتل فقتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمل هذا قليلاً وأجر كثيراً).