للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إقامة ابن ياسين لدولة المرابطين]

ولما رأى منهم ما يسره من الإقبال على الله سبحانه وتعالى وإحسان عبادته والمستوى العلمي الذي وصلوا إليه.

قال: الآن امتثلنا أمر ربنا في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:٦٠].

ثم جعلهم بينه وبين القبلة، فمد يديه إلى الله عز وجل قائلاً: يا رب! هذه عدتي أعددتها للجهاد في سبيلك.

وخرج بهم يزجيهم إلى الجهاد في سبيل الله.

فجاهد لإقامة دولة الإسلام وجاهد الكفار والمنافقين فلم تقف أمامه أي دولة، ولم يهزم له لواء، واستمر الفتح في البلاد الإفريقية، وكان هو لفضله وحكمته لا يحب الرئاسة ولا الشهرة ولا الذكر بين الناس، فأمر على أولئك المرابطين المجاهدين خيرهم، وهو يحيى بن عمر اللمتوني، وكان خيرهم علماً وورعاً وشجاعة وعبادة وتضحية فكان قرة عين له، ومع ذلك عندما قاتلوا في إحدى الوقائع فتقدم يحيى حتى اخترق صفوف المشركين غضب عبد الله بن ياسين، فأمر بالأمير بعد انتهاء المعركة فجلد عشرين سوطاً، فقيل: علام تجلد الأمير وقد رجع ظافراً منتصراً على أعداء الله؟! فقال: لأنه خاطر، ما ينبغي للأمير أن يدخل المخاطرة إلا عندما يكون الجيش في خطر! ومن هنا تدرك ذكاء ابن ياسين وملكته القتالية الجهادية بالإضافة إلى ملكاته العلمية العبادية.