كذلك مما يقتضي عدم التوبة قتل النفس التي حرم الله بغير حق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)، والله تعالى يقول في كتابه:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء:٩٣]، والخلود يقتضي من الإنسان الموت على الكفر وسوء الخاتمة، فمعناه أن من تجاسر على قتل مؤمن دون حق فهو -نسأل الله السلامة والعافية- سيوفق للموت على خاتمة السوء ويقاد لها، ومن هنا لا يوفق للتوبة.
إذاً فهذه عوائق تحول دون التوبة، وينبغي أن نعلم أن التوبة يمكن أن تتم مع التكرار، كمن وقع في ذنب استزله الشيطان إليه فبادر بالتوبة وأحسن توبته، ثم بعد فترة استزله الشيطان ثانية للوقوع في ذلك الذنب من غير أن يكون عازماً على مراجعته فتاب وأحسن، فتوبته مقبولة، ولذلك أخرج البخاري في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن العبد يذنب فيقول: يا رب! أذنبت وعلمت أنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وقد استغفرتك وتبت إليك فاغفر لي.
فيقول الله: قد فعلت.
ثم يمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يذنب، فيقول: يا رب! أذنبت وعلمت أنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وقد استغفرتك وتبت إليك فاغفر لي.
فيقول الله: قد فعلت.
ثم يمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يذنب، فيقول: يا رب! أذنبت وعلمت أنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وقد استغفرتك وتبت إليك فاغفر لي.
فيقول الله: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، لا يضر عبدي ما فعل بعدها أبداً)، فيحل الله عليه رضوانه الأكبر الذي لا سخط بعده.