قال الشيخ: كذا من الذي اصطفي به الشفاعة لأهل الموقف قد اصطفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف بعدة أمور عمن سواه، منها الشفاعة العظمى، وقد جاء فيها عدد من الأحاديث، منها قوله صلى الله عليه وسلم:(أوتيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي)، وفي الحديث الآخر:(وأوتيت ستاً لم يعطهن نبي قبلي)، فذكر منهن: أنه كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعث إلى الناس عامة.
وأنه جعلت له الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل.
وأنه أحلت له الغنائم ولم تكن مباحة لمن سبقه.
ومنها الحوض المشهود الذي يرده الناس، فهو مختص به صلى الله عليه وسلم.
ومنها الشفاعة الكبرى، فهي من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
فهذه بعض الميزات التي اختص الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أعظمها الشفاعة.
قال:(كذا) معناه: مثل ما سبق من اختصاصه بعموم الرسالة المترتب على أن معجزته الوحي الذي أوحاه الله إليه؛ كذلك مما (اصطفي به) أي: شرف به على غيره من الرسل؛ (الشفاعة)، والشفاعة مصدر شفع يشفع إذا طلب الإذن أو الصفح عن غيره، أو قضاء حاجة، فهذا هو الذي يسمى شفاعة.
والشفاعة تزاد بها منزلة صاحبها؛ لأنها وجاهة له ومنزلة، ويزاد بها أجره أيضاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء)، وقال:(إني لأرجئ الأمر وأنا أريد أن أفعله رجاء أن يشفع فيه أحدكم)، فهذا مما يزيد منزلة الشخص.
والشفاعة عند الله سبحانه وتعالى يشترط لها -بالإضافة إلى وجاهة الشافع- الرضا عن المشفوع له، فمن ليس مرضياً عند الله لا يمكن أن يشفع له أحد، لذلك قال الله تعالى:{وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء:٢٨]، وكما قال تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[البقرة:٢٥٥]، فلا يشفع عنده إلا لمن أذن في الشفاعة له.
والشفاعات ثمانية أقسام اختص الله رسوله صلى الله عليه وسلم بثلاث منها هي: ١ - الشفاعة العظمى.