كذلك مما يحول دون التوبة البدعة، فالمبتدع قلما يتوب من بدعته، وإنما يتوب من بدعته من كان مغروراً بها وكان صادق التوجه من قبل.
فغر بالوقوع في البدعة، أما من جاءها بقلب مستسلم فإنه سيعجب بتلك البدعة، ولا يمكن أن يراجع نفسه فيها، ولا يستطيع أن يتحمل نقداً لها ولا كلاماً فيها، ومن هنا لن يتوب منها أبداً، حتى لو كان من أهل الصلاح والالتزام؛ لأن نفسه لا تقبل مناقشة في ذلك المجال، ولو رجع هذا إلى إيمانه لوجد أن الله سبحانه وتعالى أثنى على أهل الصلاح فقال:{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[الزمر:١٨]، وليس له أن يصر على الإنكار، ولا على عدم المناقشة، بل إذا كان ما معه من الحق البين الذي عليه برهان من الله فإنه لا يخاف المناقشة فيه؛ لأنه صاحب حجة وبيان، أما إذا كان داحضاً باطلاً فهو الذي يتهرب صاحبه من المناقشة فيه، ولا يجرؤ على ذلك؛ لعلمه أنه يمسك بحبائل العنكبوت، فيخاف أن يتخرق عليه.