للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من رحمة الله بالناس أن خلق الموت والمصائب لتتسع الأرض لساكنيها]

فالأمل مستمر لا يقطعه إلا الموت، وذلك من لطف الله سبحانه وتعالى بالخلائق.

وقد ورد في حديث ضعيف: (أن الله سبحانه وتعالى لما خلق آدم أراه ذريته فقال: يا ربي! كيف تتسع الأرزاق لهؤلاء؟ وكيف تسعهم الأرض؟ فقال: إني خالق موتاً، فقال: إذاً لا يسعدون، فقال: إني خالق أملا).

فالموت به تسع الأرض الخلائق، فالأرض جعلها الله (كفاتاً أحياءً وأمواتاً)؛ فلذلك يعيش الأحياء على ظهرها، ويدفن الأموات في بطنها فتتسع لهم بالموت، والأرزاق كذلك إنما تعم الخلائق بالموت.

فلله حكمة في كل أمر، فما يأتي من الأوبئة والحروب والزلازل والبراكين وغير ذلك كله من أجل توسيع الرزق على أهل الأرض، فلو عاش الناس بأمان دون أمراض ودون حوادث ودون مشكلات لما اتسعت لهم الأرض، ولما وسعتهم الأرزاق، وجميع ما في الأرض من الأرزاق خلقه الله سبحانه وتعالى في اليوم الرابع من أيام خلق هذا الكون، ولذلك قال تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت:٩ - ١٠].

كل ما في هذه الأرض من الأقوات قدر في ذلك اليوم الرابع، لكنه ينتقل من إنسان إلى آخر، فيأتي هذا الإنسان فيجمع من أنواع المال ما استطاع جمعه، ويموت فيفرقه أهله بعده يرثون ما كان عنده فيتفرق فيهم- وكل إنسان منهم يفرق أيضاً في ورثته ما ترك، فيتفرق المال بعد جمعه، ثم يجتمع لدى آخر يكلف بجمعه، وهكذا حتى تنتهي الدنيا.