قال:[وأسأل الله تعالى النفعا لكل من فيه سعى والرفعا] من المناسب في خطبة أي كتاب وفي آخر أية خطبة الدعاء، فالخطب ينبغي أن تكون فيها رقة، والرقة لا تكون إلا بالضراعة إلى الله والتوجه إليه، ومن ذلك الدعاء فهو من أبلغ أحوال العبد عندما يبدي الضراعة والهوان بين يدي خالقه العزيز الجبار المتكبر، فهنا تتضح حاجة المخلوق إلى خالقه وفقره إليه وتواضعه بين يديه، وتذلله إليه، فلذلك يبدي الضراعة بالسؤال، والمسألة مذلة، فهو يتذلل إلى الله بالمسألة.
(وأسأل الله تعالى النفع لكل من فيه سعى) معناه: أن ينفع كل من سعى فيه سواء كان ذلك بدراسة أو علم أو تعلم، أو شرح أو نشر أو طبع أو غير ذلك.
(والرفع): معناه أن يرفعه الله بعد أن ينفعه بهذا الكتاب، لأن الله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة:١١]، وهذا الرفع بين الله أنه للمؤمنين ولأولي العلم، والشيخ أراد بذلك أن يبين أن من درسه وأحاط بمسائله فإنه عرف الإيمان ومسائله، ويكون بذلك من أهل العلم فيرفع الله منزلته في الدنيا والآخرة؛ لأنه قال:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة:١١]، ولهذا قال:(والرفع).