الوجه السادس من أوجه نهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر أن الخشوع الذي فيها مقتض لأن يستحضر الإنسان عرضه على الباري سبحانه وتعالى، وأن يستحضر أن ملائكة يحضرون معه فيرفعون عنه ما كتبوه من أعماله في كل صباح ومساء، فيرتفعون إلى ربهم وهو أعلم، ومن شفقتهم ورحمتهم أنهم عندما يسألهم: كيف تركتم عبادي يقولون: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون.
ومع هذا فإن كتابة الأعمال التي ترفع إلى الله سبحانه وتعالى إذا استحضرها الإنسان بصلاته لابد أن يقلع؛ لأن الإنسان إذا استحضر أن الملك يتقدم برفع عمله في الصباح فيقول: يا رب! عبدك فلان فعل الذنب الفلاني.
ثم في المساء يتقدم إليه فيقول: يا رب! عبدك فلان مازال مصراً على الذنب الذي فعل في الصباح.
ثم في اليوم الذي يليه يقول: يا رب! عبدك فلان مازال مصراً على هذا الذنب.
وتتراكم السجلات حتى تكون مد البصر.
إن الإنسان إذا لم يستحي من هذا فليفعل ما شاء، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
فهذه الأوجه كانت الصلاة منها ناهية عن الفحشاء والمنكر، ومع ذلك فهي متضمنة لذكر الله، وذكر الله أكبر كما قال تعالى:{إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[العنكبوت:٤٥].