إن التوكل على الله سبحانه وتعالى هو مفتاح الفرج، وهو الذي يقتضي من الإنسان تحقيق الإيمان والانتماء لله تعالى، ولذلك فإن رسل الله قد حققوا ذلك جميعاً، وقد قال نوح لأصحابه:{فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ}[يونس:٧١]، وقال هود لقومه حين كذبوه:{إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[هود:٥٦]، وقال إبراهيم عليه السلام لقومه حين رموه في النار: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال الله:{يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ}[الأنبياء:٦٩ - ٧٠]، وقالها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين قال لهم الناس:{إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ}[آل عمران:١٧٣ - ١٧٤]، أنعم الله عليهم فهداهم للتوكل عليه، وأرشدهم إلى سلوك طريقه، فامتن الله عليهم بهذه النعمة الجسيمة العظيمة، وكل المؤمنين عرضة لذلك إذا توكلوا على الله، فقد قال الله تعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ}[الطلاق:٤ - ٥]، فعلينا -يا إخواني- أن نتوكل على الله سبحانه وتعالى وهو حسبنا ونعم الوكيل، وأن نحسن العلاقة به، وأن نتوب إليه من كل ما فرطنا في جنبه، وأن نعلم أنه غني عنا ونحن فقراء إليه، وقد قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ}[فاطر:١٥ - ١٧]، وأنه تعالى غني عن عذابنا، وغني عن إلحاق الأذى بنا، ولكنه يمتحننا ويبتلينا، فعلينا -يا إخواني- أن ننجح في هذا الامتحان بين يدي الله، وأن نحسن علاقتنا به، وأن نفتح صفحة جديدة وعمراً جديداً، فقد أتيحت الفرصة لكثير منا بالإحسان والتوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى.